أفادت دراسة حديثة أُجريت في جامعة جيلين الصينية أن الانخفاض الحاد في الخصوبة الأنثوية يبدأ في مرحلة عمرية أبكر مما كان مُتوقعاً، حيث يظهر بعد سن الثانية والثلاثين مما يسرع من تدهور جودة البويضات. كما ذكرت النشرة أن هذا الاكتشاف قد يفتح باباً أمام أبحاث مستقبلية تهدف إلى إطالة الفترة الإنجابية الطبيعية للمرأة، وهو ما أوردته صحيفة نيويورك بوست كنقلاً عن النتائج. وتؤكد الدراسة أن تقنيات الإنجاب المساعدة متاحة حالياً مثل التلقيح الصناعي وتجميد البويضات، لكنها تركز على فهم الأسباب الجذرية لهذه الآلية بغرض تطوير سبل لإبطائها.

تراجع الخصوبة مع العمر

اعتمدت الدراسة على تحليل بيانات تفوق 15,000 جنين ناتج عن التلقيح الصناعي (IVF)، وكشفت عن ارتفاع مضطرد في نسبة الخلل الكروموسومي بالبويضات مع تقدم العمر. وتبيّن أن نسبة الخلل الكروموسومي تبلغ نحو 20% بين النساء بعمر 20-32 عاماً، وتتجاوز عند منتصف الثلاثينيات حاجز 50% وتستمر في الارتفاع مع التقدم في العمر. وهذا التدهور يرفع بشكل مباشر مخاطر الإجهاض والعقم والتشوهات الوراثية مثل متلازمة داون.

أرجع الباحثون انخفاض جودة البويضات إلى انخفاض حاسم في مستويات بروتين الكوهيسين، وهو مركب حيوي يعمل كالغراء الجزئي المسؤول عن تماسك الكروموسومات داخل البويضة وإصلاح التلف الوراثي. وتبين أن كمية الكوهيسين تقل بما يصل إلى الثلث في بويضات النساء فوق الأربعين مقارنة بالنساء في العشرينات. ويؤدي النقص في الكوهيسين إلى انفصال مبكر للكروموسومات وتوجيهها إلى مواقع خاطئة، ما ينتج بويضات غير متوازنة كروموسومياً. كما أن للكوهيسين دوراً رئيسياً في إصلاح الحمض النووي، لذا فإن انخفاض مستوياته يسبب تراكم الضرر الوراثي وزيادة الأخطاء، ما قد يفاقم مخاطر السرطان ومشكلات التطور لدى الأجنة.

دور الكوهيسين وآليات الاستقرار

تشير المسارات الجزيئية إلى مسارين رئيسيين يلعبان دوراً حاسماً في الحفاظ على تماسك الكروموسومات من خلال الكوهيسين. المسار الأول هو mTOR الذي يتحكم بنمو الخلايا وربط الكوهيسين، وتظهر أدلة من النماذج الحية أن تعديل هذا المسار قد يعزز مستويات الكوهيسين، وإن كانت فائدته في الخلايا البشرية تحتاج إلى مزيد من الدراسة. المسار الثاني هو ATM الذي ينسق إصلاح الحمض النووي ويساعد في تثبيت تماسك الكروموسومات عبر الكوهيسين، ومع تقدم العمر تتضاءل فاعليته بشكل ملحوظ مما يسرع فقدان الكوهيسين ويعمّق الأضرار. وهذا يجعل البحث في هذه المسارات مهماً كخطوة نحو علاجات محتملة.

المسارات الجزيئية الواعدة

يتناول البحث مسارات جزيئية رئيسية لها دور حاسم في الحفاظ على جودة البويضات مع تقدم العمر، وهي مسارات قد تسمح بتطوير طرق علاجية للحفاظ على الخصوبة. على الرغم من وجود تقنيات الإنجاب المساعدة، يركز العمل الحالي على فهم الأسباب الجذرية للانحدار الجيني والجزيئي بهدف تطوير وسائل أكثر فاعلية لإبطائه. ويؤمل من هذا النهج أن يفتح الباب أمام علاجات تحافظ على جودة البويضات وتطيل الفترة الطبيعية للخصوبة عند النساء.

شاركها.
اترك تعليقاً