تشهد الأنظمة الصحية في أوروبا ضغطاً هائلاً بسبب تفشٍ غير معتاد للإنفلونزا الموسمية يقوده السلالة الجديدة K من فيروس H3N2، والذي أُطلق عليه وصف “سوبر إنفلونزا” لشدة أعراضه وسرعته في الانتشار. وتؤكد التقارير أن هذه الموجة تهدد بانهيار المستشفيات وسط ضعف معدلات اللقاح. كما تسجل أعلى موجة دخول للمستشفيات منذ سنوات في دول عدة وتدفع عدداً من الدول إلى اتخاذ إجراءات طارئة. وتُشير المعطيات إلى أن بريطانيا سجلت نحو 8 آلاف حالة خلال الأسبوع، وهو رقم لم يُسجل منذ 2020، فيما تشهد دول أخرى ارتفاعات كبيرة في الإصابات وتتبنى إجراءات مشابهة.
ويركز الخبراء على المتحور K الذي يقود هذه الموجة، فهو يحمل طفرات تمنحه قدرة أفضل على التهرب الجزئي من المناعة الناتجة عن اللقاحات أو الإصابات السابقة. ويشير إيد هاتشينسون، أستاذ الفيروسات الجزيئية، إلى أن كون H3N2 أقل شيوعاً يجعل المناعة المجتمعية تجاهه أضعف، ما يزيد من سرعة تفشيه. وتؤكد مارتا كوهين، الأخصائية المقيمة في المملكة المتحدة، أن المتحور أكثر عدوى بشكل ملحوظ مع توقع أن يصل عدد دخول المستشفيات قريباً إلى نحو 8,000. ويحذر الخبراء من أن الفئات الأكثر عرضة تشمل كبار السن والأطفال الصغار وأصحاب المناعة الضعيفة والحوامل.
إجراءات الصحة العامة والتوقعات
بسبب الضغط الشديد على المستشفيات، أعادت بعض المراكز الصحية الأوروبية اعتماد الكمامات كإجراء إلزامي داخل مرافقها وتطبيق إجراءات وقائية إضافية. كما عززت المدارس إجراءات التهوية والنظافة وقلّصت حضور الطلاب في المناطق التي تشهد ارتفاعاً في الإصابات. وتحذر الدكتورة كوهين من احتمال انهيار الأنظمة الصحية إذا لم يتراجع منحنى العدوى، وتدعو إلى الالتزام بالوقاية مثل غسل اليدين وتجنب الأماكن المزدحمة وتهوية الأماكن المغلقة.
التوقعات المستقبلية وحملات التطعيم
وتوقعت الجهات الصحية وصول متحور K إلى نصف الكرة الجنوبي، ودعت الدول في أمريكا اللاتينية إلى الاستعداد لحملة التطعيم اعتباراً من مارس. كما تؤكد الحاجة إلى تعزيز التلقيحات وتحديث إجراءات الوقاية لتجنب زيادة الضغط على المستشفيات في الفترة القادمة. وتؤكد السلطات الصحية أن مراقبة فيروسات الإنفلونزا ستظل جزءاً أساسياً من استراتيجياتها لمنع تفاقم الوضع.


