أظهر تحليل جديد أجره باحثون أمريكيون أن تناول الوجبات الجاهزة بشكل مستمر قد يؤدي إلى ارتفاع الالتهاب الداخلي في الجسم وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية واضطرابات التمثيل الغذائي. وتوضح النتائج أن هذه الوجبات تتميز بسعرات حرارية عالية ودهون مشبعة وملح، وتفتقر إلى عناصر غذائية مفيدة مثل الألياف والفيتامينات. كما يشير البحث إلى أن الالتهاب المزمن منخفض الدرجة يعد من العوامل الأساسية في تطور أمراض القلب. وتؤكد النتائج وجود ارتباط واضح بين الاعتماد المتكرر على الوجبات الجاهزة وزيادة مؤشر الالتهاب الغذائي في الجسم.
ويبين البحث أن النظام الغذائي الغربي عالي المعالجة، الذي تمثله الوجبات الجاهزة بشكل رئيسي، يرفع من مؤشر الالتهاب الغذائي المعدل بالطاقة في الجسم بشكل ملموس. وتعكس هذه الوجبات تركيباً غذائياً يركز على السعرات العالية والدهون المشبعة والملح، مع نقص في الألياف والفيتامينات. وهذا التركيب يسهم في زيادة الوزن وارتفاع ضغط الدم وتعديل مستويات الكوليسترول، مما يزيد مخاطر الالتهاب المزمن. وتؤكد النتائج أن هذه العوامل تتكامل معاً لتكوين مسار يؤدي إلى اضطرابات التمثيل الغذائي وأمراض القلب.
نتائج رئيسية للدراسة
اعتمدت الدراسة على تحليل بيانات أكثر من 8500 مشارك من المسح الوطني الأمريكي لفحص الصحة والتغذية NHANES بين عامي 2009 و2018. وقارن الباحثون بين من تناولوا الوجبات الجاهزة ست مرات أسبوعياً أو أكثر وبين من استهلكوها مرة واحدة أسبوعياً أو أقل. وأظهر التحليل أن التكرار الأعلى كان مرتبطاً بارتفاع كبير في مؤشر الالتهاب الغذائي المعدل بالطاقة. وكان التأثير أكثر وضوحاً لدى فئة كبار السن الذين تتراوح أعمارهم بين 60 و80 عاماً.
رصدت الدراسة انخفاضاً في مستويات الكوليسترول الحميد HDL وارتفاعاً في الدهون الثلاثية مع الإفراط في تناول الوجبات الجاهزة. كما سجلت زيادة في سكر الدم الصائم والإنسولين، وارتفاعاً في مقاومة الإنسولين نتيجة التعرض المتكرر لهذه الوجبات. وتشير النتائج إلى وجود اختلاف في التأثيرات بين الجنسين، حيث تبين أن الآثار السلبية في الأيض كانت أشد لدى النساء مقارنة بالرجال. وتؤكد هذه المعطيات أن نمطاً غذائياً غنياً بالأطعمة المعالجة قد يفاقم مخاطر صحة القلب والتمثيل الغذائي.
أظهرت النتائج أن التأثيرات الأيضية السلبية للوجبات الجاهزة كانت أشد لدى النساء مقارنة بالرجال. ويشير ذلك إلى حساسية جسم الإناث تجاه هذا النمط الغذائي وضرورة مراعاة الاختلاف في السياسات الصحية والتوجيهات التغذوية. ولم توضح الدراسة آليات محددة، لكنها تضع إطاراً لتفسير الاختلاف الجنسي في الاستجابة لهذا النمط الغذائي. توصل الباحثون إلى أن هذه الفروق تتطلب أن تكون خطط الوقاية والتدخل الغذائي أكثر تخصيصاً للمرأة.
تؤكد هذه الدراسة أن تكرار استهلاك الوجبات الجاهزة ليس مجرد عادة غير صحية ترتبط بالسمنة فحسب، بل يعتبر محركاً مباشراً لزيادة الالتهاب الجهازي وبالتالي لخطر أمراض القلب والأيض. وتوصي النتائج بالابتعاد عن هذه الوجبات وتبني أنماط غذائية مضادة للالتهاب تعزز الصحة العامة. كما تشير إلى أهمية توجيه السياسات الصحية نحو تشجيع خيارات غذائية قليلة المعالجة وتوفير مصادر غذائية غنية بالألياف والفيتامينات. ويؤكد البحث ضرورة تعزيز الوعي العام بمخاطر الوجبات السريعة وأساليب التخفيف منها ضمن برامج التثقيف الغذائي.


