تؤكد الدراسات أن عدد ساعات النوم وجودته لا يؤثران فحسب على النشاط والتركيز، بل يمتدان إلى الهرمونات التي تتحكم في طاقة الجسم وبناء العضلات والرغبة الجنسية والحالة المزاجية. ومن بين هذه الهرمونات يبرز هرمون التستوستيرون كمحرك حيوي رئيسي يحدد سمات الذكورة من أداء بدني ونفسي. ويرتبط إنتاج التستوستيرون بإيقاع النوم؛ إذ يزداد خلال مراحل النوم العميق ثم يبلغ ذروته في ساعات الصباح الأولى قبل أن يبدأ في الانخفاض مع مرور اليوم. ويعتمد الحفاظ على هذا التوازن الأساسي على انتظام النوم وتجنب تقطّعه والسهر الطويل.
دورة طبيعية تتحكم فيها الساعة البيولوجية
يُفرَز التستوستيرون وفق إيقاع يومي دقيق يبدأ بالارتفاع أثناء النوم ليبلغ ذروته في ساعات الصباح الأولى ثم ينخفض تدريجيًا على مدار اليوم. وتبين هذه الدورة أن الانتظام في مواعيد النوم والاستيقاظ يضمن استمرار هذه القفزات الهرمونية. وعندما يحرم الجسم من النوم الكافي أو يتعرض لتقطّعه، تتأثر هذه الدورة وتقل معدلات التستوستيرون بشكل واضح. وتظهر نتائج عدة دراسات أن النوم الجيد يعزز قدرة الجسم على استعادة الطاقة والقدرة البدنية، بينما يؤدي النوم المتقطع إلى انخفاض في الأداء والتركيز.
السهر: عدو خفي للذكورة
لا يقتصر أثر السهر على الهرمونات فحسب، بل يضعف عمل الغدة النخامية التي تتحكم في إفراز الهرمونات الذكرية. كما يؤدي السهر إلى اضطراب في إفراز هرمون الكورتيزول، وهو هرمون التوتر الذي يرتفع مع قلة النوم. ارتفاع الكورتيزول لفترات طويلة يتعارض مع إنتاج التستوستيرون ويضعف قدرة الجسم على استعادة الطاقة وبناء العضلات. إضافة إلى ذلك، يربك السهر الإيقاع الحراري الداخلي للجسم، ما يؤدي إلى انخفاض بسيط في حرارة الخصيتين وبالتالي يؤثر في إنتاج الحيوانات المنوية وجودتها.
اضطرابات النوم وتأثيرها الهرموني
يعد انقطاع النفس الانسدادي النومي من أكثر اضطرابات النوم شيوعًا ويشكل خطرًا إضافيًا على توازن الهرمونات. يسبب الانقطاع المتكرر لتنفس أثناء النوم تقطع المراحل العميقة اللازمة لإفراز التستوستيرون. وتوضح الأبحاث أن علاج هذا الاضطراب يساهم في تحسين مستويات الهرمون لدى كثير من المرضى، مما يؤكد أن جودة النوم لا تقل أهمية عن مدته. ينصح الأطباء بمعالجة اضطرابات النوم قبل التفكير في أي تدخل دوائي.
النوم كعلاج طبيعي
تُعزز العودة إلى نمط نوم منتظم إفراز التستوستيرون بشكل طبيعي وتوازنه. يوصي الخبراء بالنوم لا يقل عن سبع ساعات ليلاً وتحديد مواعيد ثابتة للنوم والاستيقاظ، والابتعاد عن السهر أمام الشاشات وتجنب الكافيين في المساء. كما يسهم ممارسة الرياضة بانتظام وتخفيف التوتر النفسي في تعزيز التوازن الهرموني وتحسين جودة النوم في الوقت نفسه.


