تتحول مقاطع الفيديو القصيرة إلى جزء لا يتجزأ من حياة الأطفال والمراهقين، حيث يقضون ساعات يوميًا في التصفح بين مقاطع متنوعة من المرح والمواقف الطريفة والصدمات السريعة.
بينما توفر هذه المنصات ترفيها سريعا وفرصا للتواصل، إلا أن تأثيرها على النمو العقلي والعاطفي للأطفال أصبح محط اهتمام الباحثين.
التأثيرات السلبية
بالنسبة لبعض الأطفال، تساعد هذه المنصات في استكشاف الهوية وتنمية الاهتمامات والحفاظ على الصداقات، لكن الاستخدام المكثف يمكن أن يؤدي إلى آثار سلبية متعددة. وتشتمل على اضطرابات النوم، فالإضاءة الساطعة تؤخر إفراز هرمون الميلاتونين وتعيق النوم، كما أن المحتوى السريع يعزز تقلب المزاج ويصعّب الاسترخاء.
كما يؤثر التصفح القهري المستمر على التركيز والتحصيل الدراسي، ويتسبب في ضعف القدرة على الانتباه وإدارة الوقت. وتؤدي كثرة التنقل بين المقاطع إلى تدهور قدرة التحكم في الانفعالات والاندفاعات.
وتتراجع مهارات الإبداع والتفكير النقدي نتيجة تقليل الوقت المخصص للتأمل واللعب الحر، بينما تظهر تأثيرات اجتماعية مثل انخفاض تقدير الذات والقلق الاجتماعي والتأثر بالمقارنات مع أقرانهم. كما يزداد خطر التعرض لمحتوى غير مناسب يشمل مشاهد عنيفة أو تحديات خطرة قبل أن يتمكن الأطفال من معالجته أو الابتعاد عنه.
تتوالى حلقة من التوتر النفسي عندما يسيطر التصفح القهري، ما يقلل من الوقت المخصص للراحة أو اللعب الحر أو التفاعل مع الأسرة، ويزيد من الضغوط النفسية ويؤثر على النمو العقلي والعاطفي والاجتماعي.
تصمم مقاطع الفيديو القصيرة، التي تتراوح مدتها بين 15 و90 ثانية، لاستغلال رغبة الدماغ في المكافأة السريعة، فتمنح المستخدم تنويعًا مستمرًا بين المرح والمقالب والصدمات، وهو ما يحفز نظام المكافأة في الدماغ بشكل فوري ويقلل فترات الراحة الطبيعية، مما يضعف قدرة الأطفال على التركيز والانضباط الذاتي.
أظهرت دراسة شاملة عام 2023 شملت نحو 100 ألف مشارك أن هناك صلة معتدلة بين الاستخدام المكثف لمقاطع الفيديو القصيرة وضعف الانتباه والتحكم التثبيطي، وتكون التأثيرات أقوى لدى الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والتوتر النفسي، وفق ما أشار إليه تقرير علمي.
الإرشادات والحلول العملية
بدأت بعض الحكومات والمدارس في دمج السلامة الرقمية ومحو الأمية الرقمية ضمن المناهج وتقييد استخدام الهواتف أثناء الدراسة. كما تشجع منظمات مثل منظمة العفو الدولية منصات التواصل على توفير إعدادات أكثر أمانا للأطفال، والتحقق من العمر، وزيادة الشفافية في الخوارزميات.
في المنزل، يمكن للوالدين حماية الأطفال عبر الحوار المفتوح حول استخدام التطبيقات، ومشاركة المشاهدة، ومناقشة تأثير المحتوى على المشاعر. كما يُنصح بوضع روتين يومي يحد من الأجهزة قبل النوم، وتشجيع الأنشطة البدنية والهوايات، وقضاء وقت مع الأصدقاء والعائلة.
مع هذه الإجراءات، يمكن للأطفال الاستمتاع بمقاطع الفيديو القصيرة بشكل آمن ودون التأثير السلبي على نموهم العقلي والعاطفي، ما يمنحهم ترفيهًا ممتعًا مع حماية أدمغتهم ونومهم وتطورهم الصحي.


