تشير الأدلة العلمية المتزايدة إلى وجود ارتباط بين اضطرابات سكر الدم وصحة الدماغ. وتبيّن هذه البيانات أن التحكم السيئ في مستويات السكر قد يترك آثاراً بعيدة المدى على الوظائف الإدراكية والذاكرة. كما تُطرح فكرة أن مقاومة الإنسولين داخل الدماغ قد تكون عاملاً رئيسياً في بعض حالات الخرف. ويثير هذا المفهوم جدلاً علمياً حول دقة العلاقة بين السكر والخرف وكيفية تفسيرها.

تعريف السكر من النوع الثالث

يُشار إلى السكر من النوع الثالث كفرضية علمية تفترض وجود مقاومة للإنسولين داخل الدماغ تحديداً وليس في بقية أنسجة الجسم. وتوضح الفرضية أن الدماغ يفقد استجابته للإنسولين ويعطل عمل عامل النمو الشبيه بالإنسولين IGF، وهو ما يؤثر في الخلايا العصبية المسؤولة عن الذاكرة والتعلم. يرى بعض الباحثين أن المصطلح يعكس ارتباطاً ملاحظاً أحياناً بين السكري من النوع الثاني ومظاهر الخرف لاحقاً، وهو ما يستدعي نقاشاً علمياً حول دقة المصطلح.

جدل المصطلح

لا يحظى المصطلح بقبول واسع داخل المجتمع الطبي كتشخيص رسمي. لا توجد معايير تشخيصية موحدة له، وتخشى بعض المصادر أن يؤدي الاستخدام المبهم للمصطلح إلى تبسيط العلاقة المعقدة بين السكر والخرف. يميّز الأطباء بوضوح بين هذا المفهوم وغيره من الحالات المرتبطة بمرض السكري والتي لها تعريفات طبية معروفة، مثل أنواع السكري المرتبطة بمشاكل البنكرياس.

كيف يؤثر السكر على الدماغ؟

تشير دراسات متعددة إلى وجود علاقة وثيقة بين ارتفاع سكر الدم غير المسيطر عليه وخطر الخرف بسبل متعددة. أولاً، يؤدي ارتفاع السكر المزمن إلى تلف الأوعية الدموية الدقيقة المغذية للدماغ، وهو ما يزيد خطر الخرف الوعائي. ثانيًا، يحفز السكري الالتهاب المزمن الذي يضر بخلايا الدماغ ويؤثر في التوازن الكيميائي للدماغ. ثالثًا، يغيّر السكري من توازن النواقل العصبية ويضعف تواصل الخلايا العصبية، ما يسهم في تغيّرات تشابه تلك المرتبطة بمرض الزهايمر.

العوامل المرتبطة

تشير الخبرة إلى أن عوامل الخطر المرتبطة بتطور ما يشار إليه بالسكري من النوع الثالث ترتبط بشكل رئيسي بعوامل الإصابة بالسكري من النوع الثاني. من أبرزها وجود تاريخ عائلي للإصابة بالسكري، وارتفاع ضغط الدم، والسمنة أو زيادة الوزن. إضافة إلى ذلك، يلعب نمط الحياة الخامل ووجود أمراض مزمنة مثل الاكتئاب ومتلازمة تكيس المبايض دوراً في زيادة مقاومة الإنسولين وتأثيرها على صحة الدماغ.

الأعراض المرتبطة بالخرف

تشابه الأعراض المقترحة للسكر من النوع الثالث مع العلامات المبكرة للخرف، وتبرز منها فقدان ذاكرة يؤثر في الحياة اليومية. كما يظهر صعوبة في أداء المهام المألوفة ونسيان أماكن الأشياء بشكل متكرر وتراجع القدرة على اتخاذ القرارات. ويؤكد الأطباء أن ظهور هذه الأعراض لدى مرضى السكري يستلزم تقييمًا طبيًا مبكرًا لتقييم المخاطر وتحديد سبل التدخل.

إمكان تقليل المخاطر

يرى الخبراء أن الإدارة الجيدة للصحة الأيضية قد تلعب دوراً حاسماً في حماية الدماغ من تدهور معرفي لاحق. تشمل الإجراءات ضبط مستويات السكر في الدم، والحفاظ على وزن صحي، وممارسة النشاط البدني بانتظام، والتحكم في ضغط الدم، ومعالجة الاكتئاب والأمراض المزمنة. وعلى الرغم من عدم وجود علاج نهائي يمنع الخرف، فإن تطبيق هذه الاستراتيجيات قد يخفف من المخاطر ويؤخر التدهور الإدراكي.

شاركها.
اترك تعليقاً