يذكر تقرير منشور من BrainMD Health أن التوتر يدفع الدماغ إلى البحث عن راحة سريعة في الأطعمة العالية السكريات والنشويات البسيطة، مما يخلق دائرة توتر تؤثر في المزاج والطاقة. ويؤكد أن اختياراتنا الغذائية أثناء فترات الضغط ليست عشوائية، بل تتأثر بإشارات كيميائية ساعية للمكافأة الفورية. كما يشير إلى أن تناول هذه الأطعمة قد يعزز إفراز الكورتيزول المسؤول عن التوتر، وبالتالي ينخفض توازن المزاج وتبدأ مستويات الطاقة بالهبوط مع مرور الوقت.

أطعمة تغذي القلق

عند انخفاض المزاج، توجه الإشارات الدماغية الجسم نحو أطعمة ترفع السكر بسرعة، مثل الحلويات والمعجنات والمشروبات الغازية. لكنها بعد دقائق تثمر هبوطًا حادًا في الجلوكوز، فيعود التوتر والتهيج ويزداد الاحتياج إلى مزيد من السكر. وتدخل بذلك دوامة من التوتر والتعب تضعف الأداء الذهني وتقلل اليقظة. يؤدي هذا النمط إلى تقلب المزاج وتدني الطاقة بشكل مستمر مع تكرار النوبات الغذائية.

قد يبدو الخبز أو المعكرونة خيارًا مريحًا، ولكنهما قد يكونان مصدرًا لاضطراب المزاج لدى من يعانون من حساسية الجلوتين أو ضعف امتصاصه. يمكن أن يسبب الجلوتين فروقًا دقيقة في بطانة الأمعاء تؤثر في إنتاج النواقل العصبية مثل السيروتونين، ما يجعل التوتر أكثر حدة. كما أن آثار التهابات خفية قد تزيد من شعور القلق وتقلل من قدرة الجسم على الاستقرار النفسي. لذلك ينصح بمراقبة استجابة الجسم لهذه الأطعمة أثناء فترات الإجهاد وتقييم البدائل الصحية.

الذرة ومنتجاتها شائعة في المقارش والحبوب الجاهزة وتحتوي على نسب عالية من النشا، ما يرفع السكر بسرعة ثم يبطئ نشاط الخلايا العصبية لاحقًا، مسببًا شعورًا بالخمول والضيق. ومع تكرار هذه الأنماط الغذائية، يتزايد التوتر وتتراجع اليقظة الذهنية، وهو ما يجعل من المهم تقليل استهلاك الذرة خلال فترات الإجهاد. يلعب ذلك دورًا في مساعدة الدماغ على استعادة التوازن بشكل أبطأ وأكثر استدامة.

أطعمة تعيد الهدوء

تعد الدواجن، خاصة الدجاج والديك الرومي، من أغنى مصادر الحمض الأميني التريبتوفان الضروري لإنتاج السيروتونين المسؤول عن الاستقرار العاطفي. يساعد التريبتوفان في تهدئة فرط النشاط العصبي وتحسين جودة النوم بشكل عام. يفضل اختيار دواجن طبيعية خالية من الهرمونات لتعظيم الفائدة وتجنب أي تأثير سلبي محتمل. كما تسهم هذه النواقل في توازن المزاج وتخفيف التوتر بمرور الوقت.

تأتي ثمار التوت بأنواعه مثل الأزرق والفراولة والأسود بفضل مضادات الأكسدة التي تقلل أثر الإجهاد التأكسدي في خلايا الدماغ وتحميه من الالتهابات المصاحبة للقلق المزمن. هذه المركبات تعزز صفاء الذهن وتزيد قدرة الدماغ على مقاومة التوتر الحيوي، ما يحسن الاستجابة العصبية أثناء فترات الضغط. كما أنها تساهم في دعم وظائف المزاج بشكل عام وتوفر خيارًا صحيًا للحلويات الطبيعية. يوصى بإدراج حصة يومية من التوت ضمن النظام الغذائي كإجراء وقائي بسيط.

تقدم الشوكولاتة الداكنة القليل منها نحو 70% كاكاو أو أكثر منافع معرفية ونفسية؛ إذ تحفز إفراز الدوبامين والإندورفين ما يمنح إحساسًا بالرضا والسكينة. كما أن مضادات الأكسدة فيها تساند تدفق الدم إلى الدماغ وتقلل من إنتاج الكورتيزول، ما يجعلها خيارًا متزنًا عندما يُراد تهدئة المزاج دون إفراط. يُفضل اختيار كمية معتدلة وليست كبيرة لتحقيق الفائدة دون زيادة السعرات. يمكن إدراج قطعتين إلى ثلاث قطع صغيرة كجزء من وجبة خفيفة صحية أثناء فترات الضغط.

يحتوي الشاي الأخضر على الثيانين الذي يساهم في تهدئة موجات الدماغ دون التسبب في النعاس، كما يحفز إنتاج GABA وهو ناقل عصبي يساهم في الاسترخاء. يمكن تعزيز أثره بمشروبات مثل شاي البابونج والرويبوس والميرمية، فلكل منها خصائص مهدئة أظهرتها دراسات متعددة. يتيح ذلك تحقيق تأثير مهدئ دون الاعتماد على المنبهات أو المهدئات. ينصح بتناول كوبين إلى ثلاثة أكواب من الشاي الأخضر يوميًا كجزء من نمط حياة متوازن.

تُعد الخضروات الورقية كالسبانخ واللفت والسلق مصادر غنية بالمغنيسيوم والفولات، ما يساعد في تهدئة فرط النشاط العصبي وتنظيم نبض القلب وضغط الدم. كما تساهم في إنتاج النواقل العصبية المرتبطة بمزاج جيد وتدعم الاستقرار النفسي. يوصى بجعل طبق من السلطة الورقية جزءًا من الوجبة اليومية كإجراء بسيط لتهدئة الأعصاب قبل تناول الدواء إن لزم الأمر. كلاهما يعزز الأداء الذهني ويقلل الإجهاد مع مرور الوقت.

التوازن النفسي يبدأ من الملعقة

اختيار الغذاء في أوقات القلق ليس مجرد سلوك عابر بل قرار يخص الكيمياء الدماغية وكيفية تفاعل الدماغ مع الحياة. يعزز التبديل المستدام للأطعمة التي تدعم الهدوء صفاء الذهن وتقلل التوتر تدريجيًا بشكل علمي وطبيعي، دون الاستعانة بالمنبهات. وتستجيب الدماغ تدريجيًا للتغيير ببطء، ما يجعل الاستمرار في اتباع نظام غذائي متوازن مفتاحًا لاستعادة التوازن النفسي. يبقى الانتباه إلى التغذية جزءًا من رعاية الصحة النفسية ضمن إطار شامل.

شاركها.
اترك تعليقاً