تبرز المملكة العربية السعودية بتنوعها الاجتماعي والثقافي العميق والمتأصل في بيئتها الطبيعية. ويُسهم هذا التنوع عبر عقود طويلة في تشكيل أنماط الحياة اليومية لأهلها وترسيخ هويتهم الثقافية المميزة. وتظهر المشغولات اليدوية التقليدية كأحد أبرز أعمدة هذا الإرث الشعبي، فهي تعكس ارتباط المجتمع بمصادره وتاريخه.
دور المرأة الجازانية
تؤدي النساء الجازانيات دورًا محوريًا في صناعة المشغولات اليدوية منذ القدم. وتُحوّل المواد البسيطة مثل سعف النخيل والدود المجفف إلى منتجات تلبي احتياجات الأسرة وتبرز مهاراتهن وقدراتهن. وتضم أعمالهن عناصر مثل سجادات الصلاة، والمَهْجَن الذي يُستخدم كطبق للطعام، والجُونَة لحفظ النقود والأشياء الثمينة، إضافة إلى المَجُولَة كمفرش دائري. كما يصنّعن السلال الصغيرة والزنابيل بمختلف الأحجام، وتُعرض قبعة المظلة فوق الرأس للحماية من الشمس لأنها صديقة للبيئة وخفيفة وتوفّر ظلًا وتهوية جيدة.
يحرص أهالي جازان على استمرار استخدام هذه القطع في الحياة اليومية. ويحتفظ البعض منها داخل المنازل كقطع تذكارية تحاكي الذاكرة الجمعية وتحوّل البيوت إلى مراكز سرد لخبرات الماضي. وتعبّر هذه المشغولات عن ارتباط المجتمع بعاداته وتقاليده وتؤكّد قيمه الشعبية عبر نقل المهارات من جيل إلى جيل.
استمرار الإرث وتوافره في الحياة اليومية
وتجسد روح التعاون بين النساء من خلال الاجتماع اليومي في منازل إحداهن لإنهاء الأعمال وتبادل الأحاديث مع فنجان القهوة. وبعد الانتهاء من الإنتاج، يتولى الرجال تسويق القطع في الأسواق الشعبية المنتشرة بمختلف محافظات المنطقة لتلبية احتياجات الأهالي والزوار. وتشارك المرأة الجازانية أيضًا في المهرجانات الوطنية والفعاليات التراثية لإبراز هذا الإرث وتقديمه بروح عصرية ومتوازنة. تبقى هذه المشغولات رمزًا حيًا لاستمرار الهوية الثقافية للمنطقة وتأكيدًا على نقل الخبرة عبر الأجيال.


