تؤكد الدراسات أن الإصابة بالإنفلونزا لا تمنح مناعة دائمة لجميع أنواع الفيروسات، وخاصة فيروس H3N2. وهذا الفيروس من سلالات الإنفلونزا (A) ويتميز بقدرته المستمرة على التطور والتحور، مما يجعله أحد أبرز تحديات الأطباء والباحثين. وتوضح البيانات العلمية أن مفهوم المناعة الدائمة يختلف حسب السلالة وشخصية الجهاز المناعي، وليست كل العدوى السابقة كافية لمنع الإصابة مستقبلاً.
تغيرات سطح الفيروس والانجراف المستضدي
يشرح العلماء أن H3N2 لا يبقى ثابتاً بل يخضع لتغيرات جينية طفيفة تطال البروتينات السطحية التي تتعرف عليها الأجسام المناعية. وتؤدي هذه التغيرات الصغيرة إلى أن يعامل الجهاز المناعي الفيروس المحوّر كأنه غريب لم يواجهه من قبل، مما يسمح له بالهروب من الأجسام المضادة السابقة أو من تلك التي تكوّنت بعد التطعيم. وتُعرف هذه الظاهرة علميًا باسم الانجراف المستضدي، وهي السبب في ظهور سلالات جديدة من الإنفلونزا كل موسم وتحديث اللقاح سنويًا.
ضعف المناعة بمرور الوقت
توضح الأبحاث أن الحماية لا تظل كاملة مع مرور الوقت، إذ يبدأ انخفاض الأجسام المضادة تدريجيًا بعد أشهر من التعافي أو من التطعيم الأخير. وتؤدي هذه المستويات المنخفضة إلى احتمال الإصابة مرة أخرى خاصة عندما تكون السلالة المنتشرة مختلفة جزئيًا عن السابقة. ويزداد الخطر في فئات مثل كبار السن والحوامل وذوي الأمراض المزمنة عندما تتغير السلالة بشكل ملحوظ.
دور اللقاح السنوي في الوقاية
تُحدّث تركيبة اللقاح سنويًا لتناسب السلالات المنتشرة في نصف الكرة الأرضية خلال الموسم، بما في ذلك سلالة H3N2. وعلى الرغم من أن اللقاح لا يوفر حماية مطلقة، إلا أنه يقلل من احتمالية الإصابة ويخفف أعراض المرض، كما يحد من دخول المستشفيات والوفيات المرتبطة بمضاعفات الإنفلونزا. وتوضح الأبحاث أن التطعيم السنوي يساعد الجهاز المناعي على التكيف مع السلالات الجديدة بشكل أكثر فعالية، دون أن يضعف المناعة.
طرق تقليل مخاطر العدوى المتكررة
تضمن الوقاية اتباع إجراءات النظافة وتجنب ملامسة الوجه بعد لمس الأسطح العامة. وتوصي النصائح بغسل اليدين بشكل منتظم وتغطية الفم والأنف عند السعال أو العطس وتجنب الاختلاط المباشر مع المصابين عند ظهور الأعراض. كما يعتبر الحفاظ على نمط حياة صحي عبر تغذية متوازنة ونوم كافٍ من العوامل الأساسية لتعزيز المناعة الطبيعية وتقليل مخاطر العدوى الموسمية.


