يقع قصر عابدين في قلب القاهرة، بين أحد أشهر ميادين المدينة ذات الاسم نفسه، وهو رمز تاريخي يحيط به تاريخ الحي وحديقته الجميلة.
لمحة تاريخية عن القصر
يرجع تاريخ القصر إلى القرن التاسع عشر، حين افتتحه الخديو إسماعيل عام 1872 ليكون مقر الحكم في تلك الفترة.
استمر القصر مقراً للحكم حتى نهاية العهد الملكي عقب ثورة 1952، ثم اتخذه الرئيس الراحل أنور السادات مقراً للحكم الرئاسي.
يذكر موقع رئاسة الجمهورية أن القصر بُني على أطلال منزل قديم كان يملكه عابدين بك، أحد أمراء الأتراك، ثم أضيفت إليه مبانٍ مجاورة حتى بلغت مساحته نحو 25 فداناً، ليصبح مركز المدينة الجديدة التي أنشأها الخديو إسماعيل.
كان القصر جزءاً من أحداث سياسية واجتماعية حافلة، واليوم يجتذب الزوار كوجهة سياحية وترفيهية، حيث تقام في حدائقه فعاليات فنية وثقافية وتتاح لحجز حديقة القصر ومسرحه لإقامة حفل فني أو مؤتمر علمي، كما يمكن للزوار جولة سياحية بمبناه الرئيسي لاستكشاف بقايا عهد الملكية عبر رحلة تاريخية تبدأ بالحدائق التي تضم نباتات نادرة وأشهرها التين البنغالي.
وسط الحدائق الغناءة لا تفوت عين الزائر كشك الشاي وكشك الموسيقى المطّلين على بركة السباحة وبجوارها باب باريس كأحد أبرز معالم القصر.
تبلغ مساحة مباني القصر نحو خمسة فدادين وتضم نحو 550 غرفة، ولا يتيح المسار للزائر التجول بها جميعاً، لكن الجولة تسمح بزيارة أهم أروقة السلاملك، مقر الحكم والمقابلات، والحرملك مقر إقامة العائلة.
عند عبور الباب الرئيسي للمبنى تشعر كأنك تعود إلى عصر الفنون الكلاسيكية، فالبهو يرتفع بشعار المملكة وتحيط به تماثيل وأعمدة تفتح لك طريقاً إلى سلم المرايا في نهايته.
يؤدي السلم إلى الطابق الأعلى، فممره المزخرَف بالأعمال الفنية يقود إلى قاعة قناة السويس التي تحكي عبر لوحات تاريخية قصة حفر القناة وافتتاحها عام 1869.
إلى جانب القاعة يقع مكتب الملك بكرسيه ذو خمس أرجل، وعلى الحائط ساعة نابليون أهدتها الإمبراطورة أوجيني للخديو إسماعيل بمناسبة افتتاح القناة.
تتابع الجولة بعدة صالونات تاريخية تحمل أسماءها أو ألوانها: العلماء، الأحمر، الأبيض، الأخضر، الأزرق، وفي الممر الفاصل بين الأحمر والأخضر توجد فازة بزخارف تحكي صراعاً زوجياً وتتشابه مع فازة أخرى في قاعة محمد علي.
كان الصالون الأحمر مخصصاً لانتظار الضيوف ويعرض فيه جزء عن تاريخ الفاتيكان، ثم نصل إلى قاعة الاجتماعات الرسمية التي تضم طاولة بيضاوية ونحو 22 مقعداً، ثم ندخل إلى قاعة محمد علي باشا التي تحتوي قطع أثاث من طراز لويس السادس عشر.
يعكس الطراز العربي في قاعة الطعام زخارف إسلامية ونقوش عربية، ثم نستكمل الجولة بمسرح القصر الذي شهد حفلات لأشهر نجوم الغناء وشخصيات بارزة خلال عهد الملكية وحتى الحاضر.
قبل الوصول إلى إحدى أهم القاعات ندخل الصالون الأبيض، وهو الأهم بين الأربعة، وبجانبه توجد قاعة العرش المصممة على الطراز الإيطالي وتزدان بفازة بقاعدة مقاومة للزلازل.
نخرج من قاعة العرش ونستمر عبر ممر طويل يُعرف بممر الصيد، حيث تزدان جدرانه بلوحات عن الصيد.
من السلاملك نستكمل الجولة إلى الحرملك، حيث تقيم العائلة وتبدأ أجنحته الأربعة في النوم والملابس والحمام والصالون، وفي الحرملك توجد القاعة البيزنطية التي تجمع بين التصميم البيزنطي والجذور القبطية، ومن أشهر أجنحته الجناح البلجيكي الذي كان أول من أقام فيه ملك بلجيكا، وجناح الملكة فريدة زوجة فاروق الأول الذي تحول لاحقاً لجناح الملكة ناريمان، وعلى جدار أحدها توجد صورة زفاف الملكة ناريمان، أما جناح الملك فاروق فيتميز بالبساطة والحداثة.
ولا تقتصر الزيارة على المبنى الرئيسي بل يضم القصر عدة متاحف منها متحف النياشين والأوسمة، ومتحف الأسلحة، ومتحف الفضيات، ومتحف السلام ومتحف الوثائق التاريخية، ويمكن للزائر حجز جولات منفصلة بها.


