يشرح هذا التقرير أن الشعور بالامتلاء والانتفاخ بعد الأكل مشكلة شائعة حتى إذا لم تكن الكمية كبيرة. ويرتبط غالباً بتراكم الغازات أو بطء تفريغ المعدة. يتأثر الجهاز الهضمي بما نأكله وبالطريقة التي نأكل بها أكثر مما نتصور. وتبيّن الإحصاءات أن نسبة من الناس تتراوح بين 15 و30% يعانون من الانتفاخ بعد الوجبات، وعادةً ما تكون المسألة مرتبطة بعادات غذائية وليست مرضاً عضويًا.
أولاً: الأطعمة المسببة لاضطراب الهضم
قد تكون الأطعمة سبباً للاضطراب والهضم عند بعض الأشخاص، فالتخمر الناتج عن مكونات معينة في الأمعاء يكوّن غازات وزيادة في الضغط البطني. يمكن الاعتماد على نظام الإقصاء الغذائي لتحديد السبب عبر استبعاد نوع من الطعام أسبوعاً وتقييم التحسن. غالباً ما يكون السبب اللاكتوز في الحليب أو الجلوتين في القمح. تعتبر الطريقة المثلى تجربة استبعاد مكوّن ما ومراقبة الاستجابة خلال أيام.
التفاعل مع مكونات معينة
قد يتسبب التفاعل مع مكونات يصعب هضمها في الانتفاخ، مثل اللاكتوز في الحليب والجلوتين في القمح. هذه المواد تتخمر في الأمعاء وتنتج غازات تزيد الضغط في البطن. يمكن استخدام نظام الإقصاء الغذائي لمعرفة أي مكوّن يسبّب المشكلة عن طريق استبعاده أسبوعاً تلو أسبوع. يؤدي ذلك إلى تحديد العادات الغذائية الأكثر ملاءمة للحالة.
الألياف ومخاطرها
الألياف ضرورية لكنها ليست دائماً مفيدة إذا أُدخِلت بكميات كبيرة أو من مصادر تسبب الغازات. فمثلاً البقوليات مثل الفاصوليا والعدس والخضروات كـ البروكلي والكرنب تتخمر في القولون وتنتج الغازات. يفضَّل التدرج في زيادة تناول الألياف واختيار خيارات أكثر لطفاً مثل الكوسة والخس والسبانخ المطهية.
ثانيًا: سلوكيات غذائية تفاقم الانتفاخ
تؤدي الدهون الثقيلة، سواء من المقليات أو المكسرات أو الأفوكادو، إلى تباطؤ خروج الطعام من المعدة والشعور بالامتلاء لفترات أطول. تشير مراجعات إلى أن الوجبات عالية الدهون ترتبط بتأخر تفريغ المعدة لدى أشخاص يعانون من مشاكل الهضم. لذا يُنصح بتقليل حجم الوجبة الدهنية بدلاً من الامتناع عن الدهون تماماً.
الهواء المبتلع أثناء الأكل
يمكن أن يساهم الهواء الذي نبتلعه أثناء الأكل في الانتفاخ. التحدث أثناء المضغ، واستخدام الشفاطات، وشرب المياه الغازية تدخل الهواء إلى الجهاز الهضمي. كما أن سرعة تناول الطعام تقصر فترة إطلاق الغازات وتؤدي إلى تراكمها. لذا فإن تقليل العادات المسببة للهواء يساعد في تقليل الانتفاخ.
ثالثًا: حلول طبيعية لتحسين الهضم
توجد حلول طبيعية لتحسين الهضم مثل الإنزيمات والبروبيوتيك. تساعد الإنزيمات الهضمية في تفكيك مكونات الطعام وتحسين امتصاص العناصر الغذائية، ومن أمثلتها ألفا-غالاكتوزيداز لتخفيف أثر البقوليات والنشويات. أما البروبيوتيك فيعيد التوازن الميكروبي في الأمعاء ويقلل تراكم الغازات الناتج عن سوء الهضم.
الشاي العشبي بعد الأكل
الشاي العشبي بعد الأكل يعتبر علاجاً تقليدياً فعالاً للانتفاخ. الزنجبيل يسرّع حركة المعدة، والنعناع يرخي عضلات الجهاز الهضمي، والبـابونج يقلل التقلصات ويخفف الالتهاب. يمكن شرب كوب واحد بعد الوجبة للمساعدة في راحة الجهاز الهضمي.
رابعًا: الحركة والعادات بعد الأكل
يسهم المشي الخفيف بعد الوجبة في تحفيز حركة الأمعاء وتخليص الغازات بشكل طبيعي. تشير دراسات إلى أن هذا النوع من النشاط يمكن أن يقلل الانتفاخ بنسبة تصل إلى نحو 40%. يمكن إضافة دقائق من المشي كجزء من روتين يومي صحي.
خامسًا: الاستماع للجسد واللجوء للفحص الطبي
الاستماع للجسم ليس مجرد شعور مؤقت بل إشارة إلى وجود خلل في نمط الحياة أو في نوعية الطعام. ينبغي تعديل العادات اليومية مثل المضغ الهادئ وتجنب المشروبات الغازية مع مراقبة الاستجابة للجسم. إذا استمر الانتفاخ بشكل متكرر، فحص طبي ضروري لاستبعاد أسباب مرضية كاضطرابات القولون أو سوء الامتصاص.


