تشير الأدلة العلمية المتزايدة إلى أن 150 دقيقة من النشاط البدني أسبوعياً تقوي المسارات العصبية وتؤخر التدهور المعرفي وتقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بالخرف. وتؤكد هذه المعطيات أن الخرف سيصبح أحد أبرز تحديات الصحة العامة خلال العقدين القادمين مع ارتفاع أعداد الحالات حول العالم. وتزداد الأسئلة عن ما يمكن فعله اليوم لحماية الإدراك والمخ في المستقبل. وتؤكد آراء خبراء رعاية المسنين والطب العصبي أن حماية الإدراك ممكنة من خلال ممارسة نشاط منتظم يعود بمنافع طويلة الأجل.

وتوصي الهيئات الصحية بأن يمارس البالغون 20 دقيقة يومياً من نشاط بدني معتدل كاستثمار بسيط لكنه ذو فوائد عظيمة على المدى الطويل. كما تشير المصادر إلى أن هذا النمط من النشاط يمثّل إطاراً عملياً يمكن الالتزام به يومياً. ويؤكد الخبراء أن مثل هذا المستوى من الحركة يساهم في دعم الصحة الدماغية بشكل واضح.

طرق تعزيز المسارات العصبية

توضح الأبحاث أن الأنشطة التي تجمع بين المهارات الحركية والذهنية، وحتى الأعمال المنزلية التي تتطلب تركيزاً عند إنجاز المهام، تفعّل التكيّف الدماغي وتقوي المسارات العصبية. وتُعزّز هذه الأشكال من الحركة الذاكرة والانتباه والقدرات الحركية في آن معاً. كما يبين العلم أن حركة جسدية نشطة تقوّي تدفق الدم إلى المناطق الأساسية في الدماغ المرتبطة بالتعلم والتوازن العاطفي، وتحفز إفراز عوامل النمو الطبيعية التي تقوّي الخلايا العصبية وتدعم التواصل بينها. ويشير الخبراء إلى أن التأثير الملموس يظهر عند الالتزام بنمط حركة مستمر وتكراره بانتظام، حيث تعتبر الحركة من أقوى الأدوات لحماية الدماغ في جميع مراحل الحياة.

ويؤكد الدكتور بيبان كومار شارما، استشاري طب الأعصاب في مستشفى كايلاش ديباك، أن النشاط البدني يدعم الدماغ بطرق متعددة ومترابطة، فالممارسة المنتظمة تحسن تدفق الدم إلى المناطق الرئيسية المسؤولة عن الذاكرة والتعلم والتوازن العاطفي. كما يحفز النشاط البدني إفراز عوامل النمو الطبيعية التي تقوّي الخلايا العصبية وتعزز التواصل بينها. لذلك غالباً ما يتمتع الأفراد الذين يمارسون الرياضة بانتظام بتفكير أكثر وضوحاً وانخفاض في مخاطر الاضطرابات الإدراكية. والأهم أن العامل الأبرز هنا ليس شدة النشاط بل الاستمرارية، فالعادات البسيطة كالمشي السريع وركوب الدراجات واليوغا وحتى الأعمال المنزلية يمكن أن تحدث فرقاً ملموساً عند ممارستها باستمرار.

الاستمرارية كعامل حاسم

تظهر الرؤية الصحية أن الحفاظ على النشاط يشكل هدية نمنحها لأنفسنا مع التقدم في العمر، فالحركة تعمل كدواء للدماغ وتدعم الأداء الإدراكي على مدى الحياة. وتربط النصائح الطبية الاستمرارية بتقليل مخاطر التدهور المعرفي بغض النظر عن مستوى الشدة البدنية. لذا توصي الإرشادات الصحية بمزج أنشطة يومية متنوعة مثل المشي السريع أو ركوب الدراجات أو تمارين اليوغا مع أعمال منزلية تركّز على الإنجاز، وذلك ضمن روتين منتظم يحقق الفائدة المرجوة.

شاركها.
اترك تعليقاً