أعلن فريق بحثي أن العزلة الاجتماعية تسبب تراجعاً في القدرات الإدراكية لدى كبار السن، وذلك بعد متابعة أكثر من 30 ألف أمريكي تتراوح أعمارهم بين 50 و94 عاماً على مدى عقدين. وأوضحت النتائج أن السبب الرئيسي لهذا التراجع هو الانفصال الجسدي والاجتماعي عن الآخرين، فالعزلة وقلة التواصل مع الأسرة والأصدقاء وعدم المشاركة في الأنشطة تزيد من تدهور الذكاء والتركيز وجميع الوظائف الإدراكية. وقالت الدكتورة جو هيل، عالمة الاجتماع بجامعة سانت أندروز في اسكتلندا، إن التواجد اليومي مع العائلة والأصدقاء لا يفيد صحتنا النفسية فحسب، بل يحمي الأداء الإدراكي أيضاً. وأضافت أن بدون تواصل يومي هادف يفقد العقل التفاعلات الحيوية التي يحتاجها ليبقى يقظاً، وبالتالي تُعد العزلة سبباً رئيسياً لتراجع الذاكرة والذكاء.
أبعاد العزلة ومؤشرها
وكشفت التفاصيل أن مشاعر الوحدة ليست مرتبطة مباشرة بالعزلة الاجتماعية؛ فحتى 55% من كبار السن الذين شعروا بالوحدة صُنّفوا بأنهم أكثر عزلة، بينما سجل 26% من كبار السن درجات عالية في العزلة دون الإبلاغ عن الوحدة. وحسب الباحثين، فإن نحو 6% فقط من التأثير السلبي للعزلة على الإدراك يُعزى للشعور بالوحدة. وحددت الدراسة أن العزلة تقف عند مستوى مرتفع (6–8) أو متوسط (5 أو أقل)، وأن الانخفاض من المرتفع إلى المتوسط يحمي الإدراك بزيادة قدرها 0.19 نقطة في مقياس إدراكي من 27 نقطة. وسجلت النتائج فروقاً بين الجنسين؛ فزادت الذاكرة بنحو 0.21 نقطة لدى النساء و0.15 نقطة لدى الرجال، مع الإشارة إلى أن هذه الزيادات مهمة حتى وإن بدت صغيرة مقارنة بتراجع إدراكي يقارب 9 نقاط بين الأعمار 50 إلى 94 عامًا.
وتؤكد النتائج أن تقليل مستوى العزلة يوفر حماية إدراكية مهمة بغض النظر عن العرق أو الجنس أو المستوى التعليمي. وتبرز أهمية التواصل الاجتماعي اليومي كإجراء وقائي يحافظ على اليقظة والوظائف الإدراكية مع التقدم في العمر. وتدعو الدراسة إلى تعزيز العلاقات الاجتماعية وتسهيل المشاركة في الأنشطة الاجتماعية كجزء من استراتيجيات الحفاظ على الصحة الإدراكية لدى كبار السن.


