تعريف النقرس وأسبابه
يتسم النقرس بأنه شكل مؤلم من التهاب المفاصل ناجم عن ارتفاع حمض اليوريك في الدم وتكوّن بلورات حادة في المفاصل. يؤدي تراكم الحمض إلى نوبات مفاجئة من الألم الحاد والتورم والاحمرار والسخونة، وغالبًا ما يستهدف إصبع القدم الكبير. تستمر النوبة عادةً لبضعة أيام إلى أسابيع، وإذا لم تُعالج، تتكرر وتصبح أكثر تعبًا مع الوقت. تتطلب النوبات المتكررة ضبطًا طبيًا مستمرًا وتقليل تراكم البلورات للحفاظ على القدرة الحركية والحياة اليومية.
تشير مصادر صحية معاصرة إلى أن فهم آليات النقرس يساعد في اختيار العلاجات وتعديل النمط الحياتي، مع تأكيد أهمية الكشف المبكر لتقليل أثره. يبرز دور التغذية والوزن والصحة الأيضية كعوامل محورية في السيطرة على مستويات حمض اليوريك وتخفيف النوبات. كما أن الحفاظ على رطوبة كافية ونشاط بدني منتظم يسهم في دعم التمثيل الغذائي وتقليل مخاطر النقرس عبر تحسين مقاومة الإنسولين. في المقابل، تزايد هذه العوامل المرتبطة بأسلوب الحياة يجعل الوقاية أمراً حيوياً على المدى الطويل.
الاتجاهات العالمية للنقرس والتوقعات المستقبلية
تشير تحليلات عالمية إلى أن معدل الإصابة بالنقرس ارتفع بشكل ملحوظ في العقدين الماضيين، مع زيادة في سنوات العيش المصاحبة له. وتذكر مراجعة منشورة أن الارتفاع بلغ نحو 60% خلال تلك الفترة، وهو تعبير عن تغيّرات ديموغرافية وزيادة الأمراض المصاحبة. وتبيّن مراجعة شاملة في مجلة لانسيت لأمراض الروماتيزم لعام 2024 أن الحالات قد تتجاوز 70% بين 2020 و2050 بسبب النمو السكاني والشيخوخة وعوامل نمط الحياة مثل السمنة. كما أظهرت دراسات حديثة صدرَت في 2025 ارتفاعًا في الإصابة بين المراهقين الذين تراوح أعمارهم بين 10 و24 عامًا، خاصةً في المناطق ذات ارتفاع مؤشر كتلة الجسم.
هذه الاتجاهات تؤكد أن النقرس لا يقتصر على كبار السن بل يمتد إلى فئات عمرية أوسع، مما يستدعي رصدًا صحيًا ومبادرات وقاية فعّالة. وتسلّط الضوء على أهمية استراتيجيات تغذية ونشاط بدني تلائم مختلف الأعمار وتقلل من العوامل المرتبطة بالمرض. كما تعتبر التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والنمط الغذائي عاملًا رئيسيًا في ارتفاع الانتشار عالميًا. بالتالي يصبح من الضروري أن تتكيف السياسات الصحية مع هذه التطورات وتوفر توجيهات وقائية مبنية على الأدلة في المجتمع.
الوقاية والإدارة الشاملة
تؤكد إرشادات الكلية الأمريكية لأمراض الروماتيزم على اتباع نهج شامل يحركه نمط حياة صحي للحد من مخاطر النقرس والتحكم في أعراضه. وتنصح بالحفاظ على رطوبة مناسبة وممارسة نشاط بدني منتظم يساهم في دعم التمثيل الغذائي وتحسين حساسية الإنسولين والحد من السمنة. كما تُشير إلى تجنب الأطعمة الغنية بالبيورين والمشروبات المحلاة بالفركتوز والمشروبات الغازية لأنها ترفع حمض اليوريك في الدم. كما تؤكد أهمية الاعتماد على نمط غذائي صحي يشمل اللبن قليل الدسم والكرز والحمضيات والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات النباتية.
عندما تتكرر النوبات وتصبح الشكوى مزمنة، قد يصف الأطباء أدوية مثل الألوبيورينول أو الكولشيسين للمساعدة في تقليل إنتاج حمض اليوريك أو تخفيف الالتهاب. وتؤكد المؤسسات الصحية أن أسلوب الحياة والغذية يساهمان بشكل رئيسي في تقليل وتيرة النوبات وتحسين الصحة الأيضية. كما يظل التنسيق مع الطبيب ضروريًا لتحديد الجرعة وجدول العلاج وضبطه وفق الاستجابة والآثار الجانبية. وفي نهاية المطاف، يهدف العلاج إلى تقليل الأعراض وتوفير راحة أفضل وتحسين جودة الحياة للمريض.


