أعلن تقرير نشره موقع Medscape Medical News حديثًا أن فشل القلب بين البالغين تضاعف خلال العقود الثلاثة الأخيرة. وأظهر أن السبب ليس فقط انسداد الشرايين بل الضغط المستمر الناتج عن زيادة الوزن والسمنة ومرض السكري. يشير التقرير إلى أن ارتفاع معدلات السمنة وخلل السكر يسهمان في تطور قصور القلب عبر سنوات. هذه المعطيات تعكس تحولًا في أسباب المرض وتعيد توجيه جهود الوقاية والعلاج نحو مكوناته الأيضية.

من أمراض الشرايين إلى أمراض أيضية

كان الأطباء سابقًا يعتبرون النوبات القلبية السبب الرئيسي لفشل القلب. ومع التقدم في تشخيص وعلاج أمراض الشرايين، انخفضت حالات الاحتشاء وتزايدت الفحوص المبكرة. في المقابل ارتفعت السمنة ومرض السكري إلى مستويات غير مسبوقة فبدأت عضلة القلب تتأثر تدريجيًا بتراكم الدهون وفي ضعف التروية الدقيقة. وهكذا ظهر مفهوم قصور القلب الناتج عن الأسباب الأيضية كجزء رئيسي من الصورة السريرية.

آليات تأثير السكر والسمنة

تشير الدراسات إلى أن ارتفاع سكر الدم المستمر يضعف جدران الأوعية الدقيقة داخل القلب، مما يقلل من كفاءة الضخ ويؤدي تدريجيًا إلى ضعف العضلة القلبية حتى بدون انسداد التاجي. أما السمنة فتعزز عبء العمل على القلب، إذ يحتاج الجسم الأكبر إلى ضخ كميات أكبر من الدم، كما أن تراكم الدهون حول العضلة يعرقل الانقباض. مع مرور الوقت، يتطور الوضع إلى قصور قلب ناشئ عن اضطرابات أيضية. هذا يغير ديناميكيات العلاج ويستدعي رصدا مستمرًا للوزن والسكر.

مفارقة انخفاض الأزمات

تظهر البيانات انخفاض معدلات احتشاء عضلة القلب في الدول المتقدمة بفضل التطور العلاجي، لكن عدد المصابين بفشل القلب يواصل الارتفاع. يرى الخبراء أن ذلك علامة على وباء خفي يعتمده نمط الحياة الحديث مع قلة الحركة واستهلاك السعرات العالية. على الرغم من تراجع عوامل الخطر التقليدية مثل الكولسترول والضغط، تتزايد معدلات السمنة واضطرابات السكر بين المصابين. هذا التحول يعيد توجيه الاهتمام إلى الوقاية من العوامل الأيضية إلى جانب الوقاية من انسداد الشرايين.

فرص الوقاية والتحديات

يرى الأطباء أن الوقاية من قصور القلب تبدأ قبل سنوات من ظهور الأعراض، فكل زيارة لعيادة السكري أو السمنة تمثل خطوة للكشف المبكر. توصي الإرشادات الحديثة بدمج تعديل نمط الحياة والرياضة مع العلاج الدوائي الموجه، خاصة فئات مثل مثبطات SGLT2 وناهضات GLP-1 والتي أظهرت فاعلية في خفض السكر وحماية القلب. كما تتوفر خيارات لعلاج السمنة الشديدة مثل جراحات إنقاص الوزن التي تساهم في تقليل خطر فشل القلب في المستقبل.

التحديات العلاجية والتنسيق

تزداد صعوبة إدارة فشل القلب عندما يرافقه أمراض مزمنة أخرى مثل السكر والكلى والضغط، فكل حالة تتطلب نهجًا خاصًا. قد يؤدي تداخل الأدوية إلى تعقيدات إضافية، لذا يحتاج الأمر إلى تنسيق دقيق بين أطباء القلب والتغذية والغدد والكلى. يؤكد المختصون على ضرورة اليقظة المستمرة والارتباك في تشخيص القصور عند المصابين بالسمنة والسكري الذين يعانون من ضيق التنفس. كما يجب تثقيف المرضى ومشاركتهم في قرارات العلاج لضمان الالتزام بالخطط الإرشادية.

مفهوم وقاية قلبية أوسع

تدعو النتائج الحديثة إلى تبني مفهوم وقاية شامل لا يقتصر على منع انسداد الشرايين بل يتضمن التحكم في العوامل الأيضية التي ترهق القلب. فكل انخفاض في الوزن ونقطة تحسن في الجلوكوز يمثل خطوة واقية للقلب من القصور المزمن. يظهر أن المستقبل الطبي لفشل القلب يبدأ من عيادات التغذية والسكري قبل غرف العناية المركزة. بذلك يصبح التصدي للسمنة والسكر اليوم شرطًا حيويًا لإنقاذ القلب.

شاركها.
اترك تعليقاً