تشير الدكتورة إيما ديربيشاير، أخصائية التغذية في الصحة العامة، إلى أن الإجهاد ليس مجرد عبء عليك تحمله، بل ما تتناوله يمكن أن يغيّر استجابة الجسم للضغط النفسي. يؤثر ذلك في تنظيم مستويات السكر في الدم، والالتهابات، وجودة النوم، والشهية، وكلها عوامل تحدد مدى شعورنا بالتوتر. وتوضح أن تعطيل الروتين اليومي بسبب الأيام الطويلة وسهر الليل وقلة النوم يجعل الجسم أكثر عرضة لانخفاض الطاقة ورغبة متزايدة في الطعام. وعندما يتحول الطعام إلى جزء من الحل، يمكن تخفيف الاستجابة للإجهاد بدلاً من تضخيمها.

تشير الأبحاث إلى أن الأشخاص المتعبين والمجهدين غالباً ما يفوتون الوجبات ويتجهون إلى الأطعمة السكرية أو المصنعة بشكل مفرط، ثم يبالغون في الأكل في وقت لاحق من اليوم. وتربط هذه الأنماط بتفاقم التوتر وزيادة الوزن التدريجي، وتصبح حينها الخيارات الغذائية جزءاً من الحل المؤقت للمشكلة. لذلك تحفّز الدراسات على تنظيم الوجبات وتفضيل خيارات داعمة للطاقة المستقرة.

وأوضحت الدكتورة ديربيشاير أن تناول الطعام بشكل منتظم، مع تعزيز البروتين والألياف، يساعد على تخفيف استجابة الجسم للإجهاد بدلاً من تضخيمها. وأشارت إلى أن الإفطار من أهم وجبات اليوم، فالأشخاص الذين يتجاهلون وجبة الصباح أكثر عرضة للمعاناة من التوتر في الصباح. وتضيف أن وجود وجبات بروتينية مع مصادر ألياف يساهم في استقرار مستويات الطاقة ونسبة السكر في الدم. كما أن اختيار الأطعمة التي تدعم استقرار الطاقة يقلل احتمالية الاستجابة المبالَ بها للضغوط.

أهم وجبة الإفطار

أفادت الأبحاث بأن بدء اليوم بوجبة إفطار متوازنة يساعد في دعم إيقاعات الكورتيزول الصحية. وتوضح أن تخطي الإفطار يمكن أن يرفع مستويات الكورتيزول المسبب للتوتر في الجسم، في حين أن وجود وجبات تحتوي على البروتين يساهم في تخفيف الاستجابات المفرطة. ويوفر البيض بروتيناً عالي الجودة وأحماض أمينية أساسية. كما يوفر الشوفان كربوهيدرات بطيئة الإطلاق وتساعد في استقرار سكر الدم وتنظيم الكورتيزول.

الأسماك الدهنية وعلاج التوتر

وقد ثبت أن أحماض أوميغا-3 الدهنية في الأسماك الدهنية كالسلمون والسردين تقلل من علامات الإجهاد والالتهاب. وجدت دراسة في عام 2011 من جامعة ولاية أوهايو ونشرت في مجلة الدماغ والسلوك والمناعة أن مكملات أوميغا-3 تقلل من الكورتيزول والاستجابات الالتهابية خلال فترات الإجهاد. وتوصي الإرشادات بتناول حصتين من السمك أسبوعياً، إحداهما من الأسماك الدهنية، وتُقدَّر الحصة الواحدة بحوالي 140 جراماً. ويؤكد الدكتور ديربيشاير أن مكملات أوميغا-3 أو زيت السمك منطقية للعناية الذاتية ورفع مستويات هذه المغذيات الحيوية في النظام الغذائي.

تناول البرتقال والتوت والشوكولاتة الداكنة

يلعب فيتامين سي دوراً مباشراً في صحة الغدة الكظرية، وأظهرت التجارب المعشاة أن من يتناولون كميات أعلى يعودون إلى مستويات الكورتيزول الطبيعية أسرع بعد التعرض لضغط نفسي حاد. الكيوي والبرتقال والتوت مصادر غنية به، ويمكن إضافتها إلى وجبات الإفطار أو الحلويات. وتوضح الدكتورة ديربيشاير أن التوت يعتبر أيضاً مصدراً جيداً للفلافونويدات المضادة للأكسدة التي تساهم في تقليل الإجهاد التأكسدي الذي يحفز إطلاق الكورتيزول. كما أن الشوكولاتة الداكنة والشاي يحتويان على مركبات نباتية قوية تقلل من الإجهاد التأكسدي.

الخضراوات الورقية الداكنة

تُعد السبانخ واللفت والسلق مصادر غنية بالماغنيسيوم وحمض الفوليك، وهما عنصران أساسيان في تنظيم الجهاز العصبي. وقد ارتبط انخفاض مستويات الماغنيسيوم بزيادة استجابات التوتر، فيما يدعم حمض الفوليك إنتاج النواقل العصبية المرتبطة بتنظيم المزاج. وتشجع الدكتورة ديربيشاير على تضمين هذه الخضراوات ضمن النظام الغذائي اليومي لتعزيز استقرار المزاج وتخفيف التوتر.

ما الذي يحفز إفراز هرمونات التوتر؟

أوضح الدكتور ديربيشاير أن بعض الأطعمة يمكن أن تعزز الكورتيزول بسرعة وتؤدي إلى زيادة الاستجابة للضغط النفسي، خاصة تلك التي تؤثر بسرعة في نسبة السكر في الدم أو تحاكي الجهاز العصبي. يؤدي السكر والمنتجات المصنّعة مثل المعجنات والخبز الأبيض والمكرونة إلى تقلبات سريعة في سكر الدم، ما يدفع الجسم إلى إفراز الكورتيزول للمساعدة في استقرار الجلوكوز. بعيداً عن النظام الغذائي، تعتبر قلة النوم والإجهاد النفسي المزمن والإفراط في تناول الكافيين وتقلبات نسبة السكر في الدم ونقص التعرض لضوء النهار من العوامل الأساسية. وتشير المسجلة جريس كينغسويل إلى أن التعرض للضوء الطبيعي في الصباح الباكر أمر حاسم لضبط مستوى الكورتيزول لبقية اليوم.

شاركها.
اترك تعليقاً