يكمن الخطر في الهروب الحراري لبطاريات الليثيوم-أيون التي نستخدمها يومياً، وهو رد فعل متسلسل قد يؤدي إلى حريق أو انفجار عند ظروف معينة مثل الضرر الفيزيائي أو الشحن الزائد أو ارتفاع الحرارة. تحتوي هذه البطاريات على إلكتروليتات قابلة للاشتعال، وهي محاليل سائلة من أملاح الليثيوم تسمح بمرور الشحنة لكنها قد تصبح غير مستقرة وتدفع إلى سلسلة تفاعلات تتصاعد حرارتها بسرعة وتؤدي إلى حريق شديد.

يظهر الخطر بشكل خاص في الطيران المدني بسبب انتشار الأجهزة التي تعمل بالبطاريات، حيث سجلت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية 89 حادثة بطارية في عام 2024، و38 حادثة في النصف الأول من عام 2025 بين حالات تتراوح بين دخان وحرائق. وهذه الحوادث قد تؤدي إلى فقدان كامل للطائرات، كما حدث مع طائرة إيرباص في كوريا الجنوبية بسبب باور بانك مخزن في مقصورة علوية، ما دفع بعض شركات الطيران إلى حظر هذه الأجهزة لتجنب مخاطر الكوارث الجوية المحتملة.

ولا تقتصر المخاطر على الطيران، بل تمتد إلى المنازل والشركات مع تزايد حرائق الدراجات والسكوترات الكهربائية؛ إذ وجدت دراسة بريطانية أجريت عام 2024 أن أكثر من نصف الشركات التي شملها المسح تعرضت لحوادث مرتبطة بهذه البطاريات.

بينما يعمل الباحثون حول العالم على تطوير بطاريات أكثر أماناً عبر استبدال السائل بمادة صلبة، إلا أن تطبيقها الواسع يواجه عقبات كبيرة في الاعتماد بسبب الحاجة لتغيير خطوط الإنتاج الضخمة والتكاليف المرتفعة.

اقترح حل ثوري من جامعة هونغ كونغ الصينية

اقترح فريق بحثي من جامعة هونغ كونغ الصينية تغييرا ثورياً في تصميم البطاريات يمكن دمجه بسرعة في طرق التصنيع الحالية، لأنه يعتمد ببساطة على استبدال المواد الكيميائية في محلول الإلكتروليت الحالي. تركز الفكرة على مادة حساسة للحرارة تمنح أداءً ممتازاً في درجة حرارة الغرفة لكنها تمنح البطارية ثباتاً عالياً عند ارتفاع الحرارة، ما يكسر التوازن التقليدي بين الأداء والسلامة في تقنيات التخزين.

وفي الاختبارات المعملية، أظهر التصميم الجديد نجاحاً مبهراً؛ فعند ثقب البطارية بمسمار ارتفعت حرارتها بمقدار 3.5 درجات مئوية فقط، مقارنة بارتفاع يقارب 555 درجة مئوية في البطاريات التقليدية.

ويؤكد الباحثون عدم وجود تأثير سلبي على المتانة، حيث احتفظت البطارية بأكثر من 80% من سعتها بعد ألف دورة شحن، مما يجعلها حلاً عملياً للصناعات الكبرى التي تسعى إلى الأمان دون التضحية بالكفاءة أو عمر الجهاز.

ونظراً لأن الابتكار يكمن في “السائل” وليس في الأجزاء الصلبة، يمكن حقنه مباشرة في خلايا البطاريات الحالية دون الحاجة لمعدات أو عمليات تصنيع جديدة، مما يخفّض تكلفة الاعتماد العالمي.

ورغم أن الوصفة الكيميائية الجديدة قد ترفع تكلفة التصنيع في البداية، إلا أنها ستصبح بسعر مشابه للبطاريات الحالية عند الإنتاج على نطاق واسع، ويتوقع وصولها إلى الأسواق خلال ثلاث إلى خمس سنوات، لتشكل خطوة كبيرة نحو عصر أكثر أماناً في قطاع الطاقة.

شاركها.
اترك تعليقاً