يعرّف الاختصاصيون التوحد بأنه حالة مرتبطة بنمو الدماغ تؤثر في طريقة إدراك الطفل واستيعابه للآخرين وتفاعله الاجتماعي معهم. يؤدي ذلك إلى صعوبات في التواصل والتفاعل مع المحيطين به، كما قد يعرضه لنوبات غضب بمختلف شداتها. وهذه الصورة توضح الحاجة إلى فهم خاص للطريقة التي يعبر بها الطفل عن نفسه وكيف يتلقى العالم من حوله.

التواصل وفهم اللغة

توضح الدكتورة منى الشيخ، أستاذ الطب النفسي، أن الطفل المصاب بالتوحد يمتلك لغة خاصة تتطلب جهدا وبحثا مستمرا لفهمها. تشبه حديثه بأن التواصل معه يشبه الكلام بلغة مختلفة وتحتاج العربية إلى جهد خاص لإدراك المعنى. وبناء عليه يواجه المحيطون به صعوبات في التواصل، ما يجعل التفاعل مع البيئة المحيطة أحيانا صعبا ويتطلب صبرا وتفهما متبادلا.

التغيرات الاجتماعية ونظرة المجتمع

أشارت الدكتورة إلى ضرورة أن يغيّر المجتمع نظرته إلى مريض التوحد ويعترف بأنه طفل عادي يفهم العالم بطريقته. يجب على المحيطين به إدراك لغته وطرق تعبيره والعمل على تسهيل التواصل معه. عندما لا يفهم الأهل سبب انفعالات الطفل قد تتفاقم نوباته، لذا يلزم التعاطف والبحث عن حلول تهدئ الوضع وتخفف من حدة الغضب.

نوبات الغضب وأداتها في الأسرة

توضح الدكتورة أن نوبات الغضب لدى الأطفال المصابين بالتوحد تأتي بنوعين: خفيفة ونوبة شديدة قد يحاول فيها إيذاء نفسه أو الآخرين. النوبة الخفيفة تتطلب فهما للسبب والتعامل معه بهدوء وتقديم حلول تهدئة مناسبة. أما النوبة الشديدة فتمثل تحديا وتستلزم متابعة طبية ومناقشة خيارات علاجية مع اختصاصي يحدد الأنسب للحالة.

تصرفات يجب تجنبها أمام الطفل

تنصح الدكتورة بتجنب العصبية أمام الطفل والإكراه على فعل شيء يشعره بالضغط لأن ذلك قد يزيد توتره. كما تشدد على تقليل الاعتماد على الشاشات لأنها تخلق لديه نوعا من الإدمان وتقلل تواصله مع المحيطين. وتوصي بمحتوى بصري بسيط وخال من الإعلانات وتحديد فترات مشاهدة منتظمة تساعد في بناء سلاسة التفاعل مع الأسرة.

نصائح عملية للأهل

تطرح الأستاذة عدداً من النصائح لتخفيف الضغط والتوتر وتحسين التواصل مع الطفل. أولها تحديد أوقات ثابتة لمشاهدة الشاشات وتجنب استخدامها كأداة للعند، مع مرافقة الطفل أثناء المشاهدة لضمان فهم المحتوى وتجنب الاعتماد على الموسيقى والإعلانات. ثانيها تقليل مشاهدة الشاشات تدريجياً مع تعزيز التفاعل الواقعي ووجود طريقة مشتركة للتفاهم والتواصل. ثالثها تركز على أهمية القراءة المتكررة عن التوحد وفهمه جيدًا، وتؤكد على دور الأب وتعاون الأم، وتوضح أن للأخوات حق فهم أن لأخهم طريقة فهم مختلفة.

الالتزامات الأسرية والوعي المستمر

تشير إلى أن مساعدة الأسرة تبدأ بتبني وعي مستمر بطبيعة التوحد وتحدياته المختلفة. تؤكد على أهمية مشاركة الأب وتعاون الأم لضمان استقرار نفسي للطفل وتخفيف العبء عن الأم. كما تشدد على إشراك الأخوات وشرح أن للأخ فهمًا مختلفًا يمكن دعمه بالاحترام والتعاون المنزلي.

شاركها.
اترك تعليقاً