تقدم هذه المادة عرضًا لممارسة الاستحمام في الغابة كأحد ممارسات العافية التقليدية في اليابان التي ظهرت في ثمانينيات القرن الماضي وتستخدم لتخفيف التوتر والقلق والاكتئاب. وتُعد هذه الممارسة ليست مجرد تنزه وسط الأشجار، بل انغماس واعٍ في الطبيعة باستخدام الحواس كافة. تهدف إلى تحويل حالة العقل من التوتر المستمر إلى حالة من الهدوء والاسترخاء عبر تفاعل حسي مع المحيط. كما تشير الدراسات إلى أن الاستحمام في الغابة يتيح فوائد نفسية ملموسة وتطبيقات علاجية محتملة في العصر الحديث.

ما هو الاستحمام في الغابة؟

يعرف الاستحمام في الغابة بأنه تباطؤ مقصود داخل بيئة طبيعية مع التنفس العميق والانتباه للأصوات والروائح والمناظر المحيطة. لا يهدف إلى نشاط بدني مكثف بل إلى انتقال الذهن من حالات التوتر إلى حالة من الهدوء والسكينة. يتيح التفاعل الحسي مع الطبيعة تعزيز الوعي بالبيئة المحيطة وتخفيف الضغط النفسي. تتركز الممارسة على الاسترخاء والتواصل مع الحواس دون هدف رياضي.

دراسات علمية تؤكد الفوائد النفسية

أظهرت مراجعة منهجية وتحليل تلوي نشر في 2023 أن الاستحمام في الغابة أدى إلى تحسن المزاج وتخفيض التوتر والقلق والاكتئاب. وأكد الباحثون أن لهذه الممارسة إمكانات علاجية حقيقية للصحة النفسية في العصر الحديث. كما أشارت دراسة أخرى منشورة في 2022 إلى نتائج مماثلة عبر تجارب عشوائية مضبوطة، حيث حققت البرامج العلاجية القائمة على الغابات تأثيرات قوية في تقليل القلق والاكتئاب وزيادة المشاعر الإيجابية مقارنة بمجموعات ضابطة.

وتشير النتائج إلى أن الاستفادة ليست مقتصرة على فئة بعينها بل هي فعالة بشكل خاص لسكان المدن الذين يقضون معظم وقتهم داخل المباني والشاشات. وتبيّن أن هذه الفئة تُظهر انخفاضًا في المزاج وتزايد الإرهاق الذهني والقلق عند قلة التواصل مع الطبيعة. وتدعِّم هذه النتائج أهمية إدراج المكون الطبيعي في برامج الصحة النفسية المجتمعية.

التأمل في الغابة وتأثيره على الشباب

أظهرت دراسة نشرت في 2023 أن جلسات التأمل في الغابات حققت للمراهقين تحسنًا واضحًا في صحتهم النفسية. وتبيّن أن النتائج شملت انخفاض مستويات التوتر وزيادة مشاعر الاسترخاء والسكينة والسعادة. تؤكد النتائج أهمية دمج الطبيعة في برامج دعم الصحة النفسية للشباب.

لماذا تزداد أهمية هذه العادات اليوم؟

يربط العلماء نمط الحياة الحديث بارتفاع معدلات القلق والاكتئاب وتراجع القدرة على التركيز وارتفاع هرمون التوتر الكورتيزول. ويعمل الاستحمام في الغابة على تخفيف الضغط النفسي وتحسين التوازن العاطفي ومساعدة الجسم والعقل على استعادة الهدوء الطبيعي. ويُعد ذلك خيارًا منخفض التكلفة وآمنًا وبديلاً عمليًا للتدخلات النفسية المعقدة في كثير من الحالات.

شاركها.
اترك تعليقاً