توضح الأخصائية الأسرية ريهام عبد الرحمن أن التربية الإيجابية ليست غيابًا للقواعد أو تهاونًا في الانضباط، بل أسلوبًا واعيًا يقوم على الاحترام المتبادل والفهم العاطفي مع وضع حدود واضحة بعيدًا عن العنف والإهانة. وتؤكد أن السلوك الخاطئ يُقرأ كرسالة تحتاج إلى توجيه وتفسير وليس كجريمة تستدعي العقاب القاسي. وتضيف أن هذا النهج يسعى لبناء علاقة آمنة تسمح للطفل بالتعبير عن مشاعره وتحمل مسؤولية اختياراته في المستقبل.
متى تكون صحية
تصبح التربية الإيجابية صحية عندما تراعي المرحلة العمرية والقدرات النفسية للطفل وتُستبدل الأوامر بالصيغ الثابتة المفهومة. كما تُفصل الحدود وتُعزز الثقة من دون استبدال لعواقب الواقع، ويشعر الطفل بالأمان النفسي من خلال بيئة هادئة ومتزنة بعيدًا عن الإفراط في التدليل. وتُؤكد أيضاً أهمية الفصل الواضح بين رفض السلوك واحترام الطفل كشخص، وتُبرز أن استخدام الهدوء كأداة تربوية يعزز من فاعلية الرسالة بدلاً من إثارتها.
عندما تتحول إلى أذى
تنبه المصادر إلى أن الخلل ليس في الفكرة نفسها بل في التطبيق المشوّه الذي يؤدي إلى اختزال كلمة لا أو إلغاء الحدود. ويظهر الخطر حين يخاف الأهل من فرض أي حدود خشية إحساس الطفل بالضيق، أو حين تغيب العواقب المنطقية للأخطاء وتُمنح للطفل سلطة تفوق عمره. ويؤدي هذا المسار إلى طفل غير قادر على تقبّل الإحباط أو تحمل مسؤولياته في الواقع الاجتماعي لاحقاً، وتفقد العلاقة بين الآباء وأبنائهم عمقها.
مبادئ توجيهية عملية
يؤكد الخبراء أن الحب غير المشروط لا يعفي من المحاسبة، فالسلوك الخاطئ يجب مناقشته وتصحيحه بشكل هادئ. وتُعد الحدود الواضحة ضرورية نفسيًا لأنها تمنح الطفل أماناً وتساعده على فهم العواقب بدلاً من اعتبار الحدود ظلماً. كما أن الانفعال الزائد يفقد الرسالة معناها، فالقدوة هي المحرك الأساسي للسلوك، حيث يطبق الطفل ما يراه أكثر من ما يسمعه ويقلد سلوك الوالدين في المواقف التربوية.


