يطلق المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط فعاليات «روح ومحبة» بافتتاح معرض أثري مؤقت في قاعة النسيج المصري. يستمر المعرض لمدة شهرين بالتعاون مع المتحف القبطي بالقاهرة وبحضور وفد من الكنيسة إلى جانب عدد من الشخصيات العامة والمهتمين بالتراث والفن القبطي، وتزامناً مع احتفالات رأس السنة وأعياد الميلاد. تسعى هذه الخطوة إلى تعزيز قيم الهوية الحضارية وتأكيد التنوع الثقافي والديني في تاريخ مصر عبر العصور.

دلالات المعرض

أكد الدكتور الطيب عباس، الرئيس التنفيذي للمتحف القومي للحضارة المصرية، أن تنظيم هذا المعرض يأتي في إطار الدور الثقافي والمجتمعي الذي يمثله المتحف. أضاف أن رسالته لا تقتصر على عرض القطع الأثرية فحسب، بل تمتد إلى إبراز القيم الإنسانية والروحية التي أسهمت في تشكيل الهوية الحضارية لمصر عبر العصور. وأوضح أن المعرض يعكس رسالة مصر التاريخية كحاضنة للتنوع الديني والثقافي ومركز للتسامح والتعايش.

أوضح الدكتور أحمد حميدة، رئيس قطاع المتاحف، أن المعرض يجسد نموذجاً للتعاون المثمر بين المؤسسات الثقافية. وأشار إلى أن اختيار السيدة العذراء مريم محوراً لهذا المعرض يحمل دلالات إنسانية وروحية عميقة، ويبرز البعد الفكري للحضارة المصرية وقدرتها على استيعاب التنوع واحترام الآخر عبر التاريخ. ويهدف هذا النهج إلى تقديم صورة متوازنة للموروث المصري عبر العصور، تعكس قيم الحضارة وتواترها.

ومن جانبها قالت الدكتورة نشوى جابر، نائب الرئيس التنفيذي للشؤون الأثرية، إن المعرض يضم مجموعة متميزة ونادرة من روائع الفن القبطي تُعرض للمرة الأولى. وتضم الأيقونات ومخطوطات قبطية ومشغولات كانت تُستخدم في الأديرة والكنائس، من أبرزها أيقونة ميلاد السيدة العذراء ومنظر حجري يجسدها وهي ترضع المسيح. تعكس هذه القطع ثراء التراث وقيمته الفنية والرمزية.

وأعربت جيهان عاطف، مدير عام المتحف القبطي، عن فرحتها بهذا التعاون مع المتحف القومي للحضارة المصرية. وأكدت أن المعرض يبرز تكامل الجهود بين المؤسسات الثقافية لإظهار ثراء الموروث الحضاري المصري وتعدد روافده عبر العصور. وتؤكد على تعزيز الوعي بقيمة هذا التراث وتنوع روافده عبر العصور.

وتضمنت الفعاليات افتتاح معرض فوتوغرافي بالتعاون مع شعبة المصورين بنقابة الصحفيين، يضم مجموعة من الصور التي توثق مظاهر احتفال المصريين بأعياد الميلاد ورأس السنة. حضر الافتتاح عدد من مسؤولي النقابة والمصورين. كما شهدت الفعاليات عروضاً فنية متنوعة من فرقة كورال أغابي التي قدمت أغانٍ قبطية احتفاءً بقيم المحبة والسلام، إضافة إلى عروض كورال الأناشيد بالتعاون مع كنيسة القديس بولس الرسول بمدينة العبور.

وفي إطار الأنشطة التعليمية والتفاعلية نظم المتحف ورشاً ثقافية وفنية بمشاركة طلاب كلية التربية الفنية بجامعة حلوان، شملت ورشاً تحت إشراف الأستاذة أسماء سيد تنظيم أعمال فنية وتنظيم جولات إرشادية داخل القاعات. كما قدمت الأستاذة هبة عبد القادر، أخصائية الفنون بالمتحف، أعمالاً فنية تفاعلية تجسد مشاهد من ميلاد السيد المسيح. وشاركت المدرسة الصيفية للفنون بالمتحف في تقديم أنشطة تفاعلية متنوعة للزوّار تحت إشراف الدكتورة نرمين مصطفى، تضمنت رسماً حياً لأيقونات المعرض، وورشة تلوين للأطفال، وألعاباً تفاعلية، وتوزيع هدايا الميلاد.

وتؤكد هذه الجهود حرص المتحف على إشراك فئات المجتمع وتوفير تجارب ثقافية مبتكرة تعزز التواصل مع تراث مصر وتنوع روافدها عبر العصور. كما يسعى المتحف إلى تعزيز الروح الأكاديمية والممارسات الفنية من خلال الشراكات مع الجامعات والمؤسسات الثقافية. وتؤكد كذلك أن هذه الأنشطة تفتح أمام الزوار آفاق جديدة للتفاعل مع الفن والتراث وتبادل المعرفة بين الحاضر والماضي.

شاركها.
اترك تعليقاً