توضح دراسة حديثة أجرتها جامعة الملك جورج الطبية في لكناو أن 89% من الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 12 و15 عاماً واللواتي زرن المستشفى كن مصابات بفقر الدم، مما يعكس ارتباط الحالة بنمط حياته الغذائي ونقص العناصر الأساسية. وتبين النتائج أن نقص الحديد غالباً ما ينشأ عن سوء التغذية أو فقدان الدم أو مشاكل الامتصاص، كما يمكن أن ينتج أيضاً عن نقص فيتامين ب12 وحمض الفوليك. وتؤكد منظمة الصحة العالمية أن فقر الدم حالة تفقد فيها الخلايا الحمراء القدرة على نقل الأكسجين الكافي إلى الأنسجة، ما يؤدي إلى التعب والضعف.
العوامل الغذائية والسلوك اليومي
أظهرت نتائج استقصائية أن ما يقرب من ثلاثة أرباع الفتيات يستبدلن وجباتهن المنزلية بالوجبات السريعة، بينما لا تتناول ربعهن الخضراوات الورقية يومياً. وتتناول فتاة واحدة فقط من بين ست فتيات الأطعمة الغنية بفيتامين سي بشكل منتظم، وهو عنصر يساعد الجسم على امتصاص الحديد. كما أن 74% من الفتيات على دراية بفقر الدم وتأثيره الصحي، إلا أن ذلك لم يدفعهن إلى تعديل عاداتهن الغذائية بسبب عوامل سلوكية واجتماعية.
التحديات الاجتماعية والسلوكية
خلص الأطباء في جامعة الملك جورج إلى أن المشكلة ليست فقط في نقص التغذية، بل في النظرة الاجتماعية التي تدفع بعض الفتيات لتجنب الأطعمة الغنية بالحديد مثل السبانخ والبروكلي والفلفل واللحوم والعدس، اعتقاداً بأنها مملة. كما أن اللجوء المستمر إلى وجبات منخفضة السعر ومتاحة بسهولة، فضلاً عن عدم انتظام مواعيد الدراسة، وثقافة الأنظمة الغذائية المتعارف عليها، كلها تسهم في هذه الأزمة. واكد الخبراء أن تحويل هذه الثقافة يحتاج إلى تدخل مجتمعي وتوعية مستمرة، ما يسهم في تعزيز الإقبال على وجبات متوازنة وتوفير خيارات غذائية أكثر تنوعاً.
الفئات الأكثر عرضة عالميًا
تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن الأطفال دون سن الخامسة، والنساء الحوامل والنفاس، والفتيات المراهقات والنساء في سن الحيض هي الفئات الأكثر عرضة للإصابة بفقر الدم. وتقدر المنظمة أن نحو نصف مليار امرأة تراوح أعمارهن بين 15 و49 عاماً يعانين فقر الدم، إضافة إلى 269 مليون طفل بين 6 و59 شهراً حول العالم. وتؤكد هذه الأرقام أهمية الاستهداف الغذائي والتغذوي لهذه الفئات بشكل خاص في السياسات الصحية والتغذوية.
الأعراض الشائعة وغير المحددة
تشمل الأعراض الشائعة وغير المحددة لفقر الدم التعب المستمر، والدوخة أو الإحساس بالدوار، وبرودة اليدين والقدمين، والصداع، وضيق التنفس خاصة عند بذل مجهود. كما قد يلاحظ المصاب شحوباً في الأغشية المخاطية والجلد مع انخفاض في مستوى النشاط اليومي. وتزداد الأعراض سوءاً مع تفاقم نقص الحديد أو مع حدوث فترات نمو مطولة لدى الفتيات.
الأعراض الشديدة ومتغيراتها
قد يظهر فقر الدم الشديد على شكل شحوب أغشية مخاطية في الفم والأنف وغيرها، وشحوب الجلد وتغير لون الأظافر، مع سرعة التنفس وضربات القلب. كما قد يرافقه دوار عند الوقوف وكدمات بسهولة نتيجة ضعف وظائف الدم. وتؤثر هذه العلامات في القدرة على التركيز والقيام بالنشاطات اليومية، وتزيد من احتمال الإغماء عند المواقف المفاجئة.
التأثيرات على النمو والصحة العامة
تشير النتائج إلى أن تفاقم فقر الدم لدى الفتيات الصغيرات يزداد بارتفاع مستوى الحاجة من العناصر الغذائية أثناء فترات النمو، ما يعزز خطر النقص والتأثير في الأداء المدرسي والبدني. وتظهر علامات التعب المستمر، مع تراجع في التركيز والقدرة على المشاركة في اللعب والأنشطة اليومية. وتؤثر قلة الحديد أيضاً في المناعة وتزيد من قابلية العدوى وتضعف التفاعل مع التطور الصحي.
التأثيرات طويلة الأمد والنتائج التعليمية
يترك فقر الدم أثراً طويل الأمد في النمو والصحة العامة، فقد يضعف المناعة ويزيد مخاطر الإصابة بالأمراض، كما قد ينعكس سلباً على التحصيل الدراسي وتغير المزاج. وتبرز هذه التحديات على العلاقات الاجتماعية وتنامي الثقة بالنفس مع مرور الوقت. وتُشير البيانات إلى الحاجة إلى رصد مستمر للأطفال والنساء المعرضين للخطر وتوفير الدعم الصحي والتغذوي المناسب لضمان نماء صحي للفتيات والأطفال بشكل عام.
خلاصة وتوصيات عملية
تؤكد المعطيات أن الحل يتطلب تحسين النظم الغذائية والقدرات الاقتصادية للوصول إلى مصادر الحديد وفيتامين سي مع تعزيز العادات الغذائية المتوازنة. وتبرز الحاجة إلى ربط الوعي الصحي بسلوك غذائي فعال عبر برامج مدرسية ومجتمعية تركز على خيارات غذائية صحية وتوقيت الوجبات. وتوضح النتائج أن التغيير الحقيقي يتطلب عملاً مستمراً وتعاوناً بين الأسر والمدارس والمؤسسات الصحية لضمان صحة أفضل للفتيات والأطفال بشكل عام.


