لن يكون بإمكاني توفير وصفات محددة للحفاظ على المدخرات في ظل الأزمة الاقتصادية، ولكن سأحاول توضيح الخيارات المتاحة والأخطار المحيطة بها.
عندما بدأت البنوك المركزية في الاقتصادات الكبرى حول العالم بطباعة أموال غير مغطاة بشكل غير مسبوق في عام 2008، انقسم الاقتصاديون إلى معسكرين:
المعسكر الأول
يتوقع حدوث تضخم مفرط قريبًا، وهذا يعني ارتفاعًا سريعًا في الأسعار، مثلما حدث في زيمبابوي وفنزويلا ولبنان حاليًا. ووفقًا لقانون العرض والطلب، فإن طباعة الأموال غير المغطاة دون زيادة مقابلة في كمية السلع سيؤدي بالضرورة إلى ارتفاع أسعار السلع.
المعسكر الثاني
وعلى العكس من الأول، يتوقع انخفاضًا في الأسعار. يعتقد أن الطلب الرئيسي في العصر الحديث هو القروض، ونظرًا لمخاوف المستهلكين والشركات من الديون الضخمة التي يحملونها بالفعل وعدم قدرتهم على زيادة الديون وبالتالي الاستهلاك، فإن ذلك سيؤدي إلى انخفاض الطلب على السلع وإفراط في الإنتاج مقارنةً بالاستهلاك، مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار والانكماش.
ماذا يفعل التضخم؟
تعد هاتان الظاهرتان مدمرتين للاقتصاد، حيث يحرق التضخم المفرط المدخرات ويجعل الاستثمار والتجارة مستحيلين ويدمر السلاسل التكنولوجية المعقدة. ويؤدي الانكماش إلى انخفاض طويل الأمد في الإنتاج وزيادة في معدلات البطالة، كما حدث أثناء الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن العشرين.
في الوقت الحالي، هناك جدل متزايد بين المعسكرين، حيث تحولت البنوك المركزية في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان والصين وأسواق أخرى إلى وضع “طابعة الأموال المجنونة”. فقد قامت الولايات المتحدة، بعد شهرين من بداية الجائحة في مارس الماضي، بطباعة تريليونات الدولارات، وهذا قد يؤدي في الظروف العادية إلى بدء تضخم مفرط خلال شهرين، كما نرى في لبنان. ومن ناحية أخرى، تسببت جائحة كوفيد-19 في انخفاض حاد في الطلب العالمي، مما يدفع الأسعار إلى الانخفاض ويؤدي إلى الانكماش، ولكن هذا ينطبق فقط على السلع الاستهلاكية العامة. ومع ذلك، ترتفع الأسعار في قطاعات الاستثمار مثل الأسهم والعقارات، مما يؤدي إلى التضخم. وهنا يتدفق التريليونات التي تطبعها البنوك المركزية في المقام الأول.
توقع التضخم للمستهلك العادي
نحن نجد أنفسنا أمام سؤال صعب: متى ستتحول تلك التريليونات غير المغطاة من قطاع الاستثمار إلى قطاع السلع الاستهلاكية وتبدأ التضخم المفرط؟ لا يوجد إجابة دقيقة على هذا السؤال، حيث يعتمد ذلك بشكل أساسي على نفسية الجماهير واللحظة التي يقرر فيها المستهلك العادي أنه بحاجة إلى الذهاب إلى المتجر لشراء مواد استهلاكية قبل ارتفاع الأسعار. “توقع التضخم للمستهلك العادي” هو العامل المهم في الوقت الحالي. ومن المتوقع أن تر
لم يتمكن المستثمرون بعد من تحديد أفضل طريقة للاستثمار في ظل هذه الأزمة الاقتصادية. ومع ذلك، هناك بعض الخيارات التي يمكن النظر فيها:
1. التنويع: يُنصح بتنويع محفظة الاستثمارات لتشمل مجموعة متنوعة من الأصول. يمكن أن تشمل هذه الأصول العقارات، والأسهم، والسندات، والسلع، والعملات الرقمية، وغيرها. من خلال تنويع المحفظة، يمكن تقليل المخاطر المرتبطة بتذبذبات سوق واحد.
2. الاستثمار في الذهب: يُعتبر الذهب عادةً ملاذًا آمنًا خلال فترات الاضطرابات الاقتصادية. يمكن شراء الذهب على شكل مجوهرات، أو قطع نقدية، أو ألواح، أو صناديق تداول متداولة للذهب (ETFs). يجب أن يتم تخزين الذهب بشكل آمن وفي مكان آمن.
3. العقارات: قد يكون الاستثمار في العقارات خيارًا جيدًا في بعض الحالات، خاصةً إذا كانت هناك فرص للحصول على عوائد إيجارية مستقرة. ومع ذلك، يجب أن يتم اختيار العقارات بعناية، والتأكد من أنها تلبي احتياجات السوق المحلية وتتمتع بإمكانية الاستئجار بسهولة.
4. الأسهم: يمكن أن تكون الأسهم فرصة جيدة للاستثمار في الشركات التي تظل قوية في فترات الركود الاقتصادي. يُنصح بالبحث واختيار الشركات التي تظهر نموًا مستدامًا وتمتلك استراتيجيات قوية للتعامل مع التحديات الاقتصادية.
5. السندات: يمكن النظر في استثمار جزء من المحفظة في السندات، وخاصةً تلك ذات العائد المضمون والمستقر. تعتبر السندات حلاً أكثر استقرارًا مقارنة بالأسهم، وقد توفر دخلاً ثابتًا على المدى القصير إلى المتوسط.
يجب أن يتم اتخاذ قرارات الاستثمار بناءً على الأهداف الشخصية والموارد المتاحة ومستوى التحمل للمخاطر. من المهم الاستشارة مع مستشار مالي محترف قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية.