تطوير لقاح ضد السرطان باستخدام تقنية mRNA
يقترب الباحثون من إيجاد لقاح عالمي ضد السرطان يعتمد على تقنية mRNA، التي تستخدم تعليمات للخلايا لإنتاج بروتينات محددة. لكن، بدلاً من توجيه الخلايا لإنتاج هياكل تثير استجابة مناعية، استخدم الباحثون في جامعة فلوريدا mRNA يعمل كعلم أحمر، ينبه الجهاز المناعي بسرعة ويحفزه للرد الفعل، كما ورد في صحيفة ديلي ميل.
في دراستهم التي نشرت في مجلة Nature Biomedical Engineering، عالج الباحثون فئرانًا مزروعة بأورام الميلانوما البشرية بلقاح mRNA مع أدوية علاج مناعي مصممة لتعزيز الجهاز المناعي، مرة واحدة أسبوعيًا لمدة ثلاثة أسابيع. أدى ذلك إلى مساعدة الخلايا المناعية على التعرف على السرطان ومهاجمته، ما سبب انكماش الأورام أو اختفائها في بعض الحالات، وتوقف نموها بشكل عام.
أظهرت النتائج أن جميع الفئران غير المعالجة توفيت خلال 50 يومًا، بينما نجت الفئران التي تلقت اللقاح والعلاج المناعي على الأقل 60 يومًا، وكثير منها لم يمت بعد مرور مائة يوم على التجربة. ومع أن البحث لا يزال في مراحله الأولى ولم يُختبر بعد على البشر، فإنه يحمل أملًا في أن يقلل من الحاجة إلى وسائل العلاج التقليدية كالكيماوي والإشعاعي والجراحة مستقبلًا، وفقًا للدكتور إلياس سايور، الذي قاد الدراسة.
اكتشاف جديد وتحفيز الجهاز المناعي
وأشار الدكتور إلياس سايور إلى أن اللقاح، رغم أنه غير موجه لورم معين، يمكن أن يُحدث تأثيرات محددة على الورم، وهو اكتشاف غير متوقع ومثير. ويعتقد العلماء أن هذا النهج يمكن أن يُسوق كلقاح عالمي ضد السرطان، يعزز استجابة الجهاز المناعي للمرض بشكل عام.
يرى العلماء أن تطوير لقاح يحارب السرطان، وهو أحد الأسباب الرئيسية للوفاة، يمثل هدفًا كبيرًا في المجال الطبي. وهناك طريقتان رئيسيتان لتطوير هذه اللقاحات؛ الأولى تستهدف هدفًا مشتركًا يظهر في أغلب مرضى نوع معيّن من السرطان، والثانية تستخدم لقاحًا مخصصًا لكل حالة على حدة. لكن الفريق الذي يقف وراء البحث يعتقد أن النهج الجديد يركز على تحفيز استجابة مناعية قوية بشكل عام، بدلاً من استهداف الورم مباشرة.
قال الدكتور دوان ميتشل، جراح الأعصاب والمؤلف المشارك، إن لقاحًا غير موجه لاستهداف السرطان بذاته، يمكن أن يثير استجابة مناعية قوية ضد السرطان، مما يفتح إمكانيات لاستخدام واسع النطاق، وربما الوصول إلى لقاح جاهز للسرطان عمومًا.
آليات عمل اللقاح وتأثيره المحتمل
استخدم الباحثون في الدراسة mRNA مستمدًا من الميتوكوندريا، وهي هياكل داخل الخلايا تنتج الطاقة، والتي يمكن أن تسرع الاستجابة المناعية. جُرب اللقاح على أنواع مختلفة من السرطان في الفئران، بما في ذلك سرطان الجلد والعظام والدماغ، وحققت نتائج إيجابية في تقليص الأورام أو زوالها تمامًا في كثير منها.
أوضح الدكتور إلياس سايور، أن اللقاح قد يُساعد على تنشيط الخلايا التائية، المسؤولة عن اكتشاف وتدمير الخلايا المهددة، والتي لم تستجب سابقًا بشكل كافٍ، مما يدفعها إلى التكاثر ومهاجمة الورم. ويؤمن الفريق أن هذه الطريقة قد تكون وسيلة عالمية لتحفيز جهاز المناعة لمهاجمة السرطان، مع إمكانية تطبيقها على البشر في المستقبل القريب.
رغم أن اللقاح لا يزال بعيدًا عن الاستخدام السريري، يعمل الباحثون على تطويره ليكون جاهزًا للتجارب على الإنسان، حيث يأملون أن يعزز من طرق مكافحة السرطان بشكل كبير.