يُعد الداء البطني أو مرض الاضطرابات الهضمية حالة مناعية ذاتية تؤثر على الجهاز الهضمي، حيث يهاجم جهاز المناعة بطانة الأمعاء الدقيقة عند التعرض للجلوتين، وهو بروتين يوجد في القمح والشعير. يظن الكثيرون أن هذا المرض يسبب مشاكل هضمية فقط مثل الانتفاخ والإسهال وآلام البطن، لكن الحقيقة أن أعراضه تمتد لتشمل مشكلات صحية متعددة تتعلق بالجلد والعظام والجهاز العصبي وغيرها. على الرغم من انتشار المرض بشكل واسع، تبقى العديد من الحالات غير مكتشفة، لأن الأعراض غير التقليدية تظهر في أجهزة وأعضاء مختلفة، مما يصعب تشخيصه بسرعة ودقة.
الأعراض المتنوعة للداء البطني
تظهر علامات المرض بطرق متعددة، فالتهاب الجلد الحلئي من أحد أعراضه الجلدية المميزة، حيث تتكون بثور صغيرة جدًا تتسم بالحكة الشديدة وتظهر عادة على الركبتين والمرفقين وفروة الرأس والأرداف، وتكون نتيجة لترسب الأجسام المضادة للجلوتين في الجلد. كما أن نقص الحديد الناتج عن سوء امتصاص الحديد من الأمعاء المتضررة يؤدي إلى فقر دم مزمن يعبر عن نفسه بالتعب المستمر، الشحوب، وضيق التنفس. ومن الأعراض الأخرى تلف الأعصاب الطرفية، التي تظهر بآلام وخز أو تنميل في اليدين والقدمين، حتى في غياب أعراض هضمية واضحة.
مشكلات صحية أخرى مرتبطة بالداء البطني
يشكو بعض المرضى من صداع متكرر، و”ضبابية الدماغ” أو ضعف التركيز، ويُعتبر الالتهاب الناتج عن الالتهابات المزمنة أو نقص الفيتامينات من أسباب ذلك. كما أن آلام المفاصل والتصلب التي قد يُشخص خطأ على أنها التهاب في المفاصل، غالبًا ما تتحسن بعد الامتناع عن تناول الجلوتين. تؤثر الحالة أيضًا على الصحة الإنجابية، حيث تُسبب اضطرابات في الدورة الشهرية، العقم، أو الإجهاض المتكرر، خاصة عند النساء غير المشخصات. يرافق المرض مشاكل في الفم مثل قرح الفم وعيوب مينا الأسنان نتيجة لسوء امتصاص الفيتامينات والمعادن الضرورية.
الأثر النفسي والجهاز العصبي
يرتبط الداء البطني أيضًا باضطرابات مزاجية مثل القلق والاكتئاب، وتغيّر المزاج، ومشاكل الانتباه والتغيير في الحالة الذهنية، ويُلاحظ تحسن الحالة بعد التشخيص واتباع نظام غذائي خالٍ من الجلوتين. أما على الصعيد العصبي، فهناك حالات ترنحٌ، ضعف في التوازن، ومشاكل في التنسيق، وتحتمل أن تكون دائمية إذا لم تُعالج بشكل مبكر.
أهمية الكشف المبكر والوقاية
يجب عدم إغفال أعراض غير تقليدية قد تدل على الداء البطني، خاصةً إذا كانت مستمرة وتمر بدون تشخيص. إذ أن نسبة كبيرة من الحالات تبقى غير مكتشفة، رغم إصابتها بهذا المرض، بسبب غياب أعراض هضمية واضحة. التعامل المبكر مع الحالة، عن طريق الفحوصات المصلية والخزعة، يتيح العلاج المبكر الذي يساهم في تحسين نوعية الحياة، ويمنع تطور المضاعفات الطويلة الأمد. الالتزام بنظام غذائي خالٍ من الجلوتين يقود إلى تعافي الأعضاء المتضررة، ويعالج المشاكل الصحية الخفية بشكل فعال.