تخطط وكالة ناسا لإرسال رواد فضاء إلى القطب الجنوبي للقمر خلال السنوات القليلة القادمة، مما يواجه العلماء تحديًا كبيرًا في توفير شبكة اتصالات فعالة في بيئة قاسية تتميز بفوهات عميقة وواسعة.
على الرغم من هذه الصعوبات، يؤكد المسؤولون عن المهمة أنهم يسيرون بخطى ثابتة نحو تحقيق الهدف، حيث ستحتاج فرق الرواد إلى وسيلة تواصل موثوقة مع بعضهم البعض ومع فرق المراقبة على الأرض عند وصولهم إلى القمر.
مشروع شبكة الاتصال على القمر
في عام 2023، أعلنت شركة نوكيا عن توليها مهمة تطوير شبكة اتصال الجيل الرابع 4G على القمر، بالتعاون مع شركة سبيس إكس وشركة إنتويتيف ماشينز. وسيتضمن المشروع محطة بث مجهزة بهوائي، ومركبة هبوط قمرية، وعربة جوالة تعمل بالطاقة الشمسية. وقد وضحت نوكیا خطتها للتغلب على تحديات بناء شبكة اتصالات على سطح القمر، من خلال تصميم معدات دقيقة وسهلة الصيانة تعتمد على الطاقة الشمسية والبطاريات، مع ضمان وصول المعدات سليمة دون تلف خلال الرحلة الخطرة إلى القمر.
التحديات التي تواجه المهمة
يواجه المشروع العديد من العقبات، من بينها الظروف البيئية القاسية، حيث تتسم حرارة سطح القمر بالتباين الشديد مع وجود غبار قمري كثيف يجعل الحفاظ على اتصال مستقر أمرًا صعبًا. كما تتطلب الشبكة معدات حساسة تحتاج إلى نقل آمن، مع ضمان عدم تلفها أثناء الرحلة. وتُعد الصيانة الذاتية للأجهزة ضرورية، حيث يجب أن تكون المعدات قادرة على إصلاح الأعطال ذاتيًا، الأمر الذي يزيد من تعقيد تصميمها. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكون كفاءة استهلاك الطاقة عالية جدًا، بحيث تعتمد بالكامل على الطاقة الشمسية والبطاريات للحفاظ على عمل الشبكة بكفاءة مستمرة.
استخدامات الشبكة وأهميتها
بعد نجاح تركيب الشبكة، ستُستخدم من قبل رواد ناسا خلال مهمات أرتميس للوصول إلى سطح القمر. ستوفر الشبكة وسيلة اتصال موثوقة بين الرواد وبعضهم البعض، ومع فرق الدعم على الأرض، مع القدرة على بث فيديو بدقة 4K مباشرة من القمر بسرعة تصل إلى 500 ميغابت في الثانية، مما يحسن جودة الصور بشكل كبير مقارنة بما كانت عليه في عام 1969.
المهام المستقبلية والأهداف
يهدف مشروع ناسا إلى بناء معسكر قاعدة على سطح القمر، مع إنشاء محطة فضائية تسمى “غيتواي” تدور بشكل دائم حول القمر، لتكون نقطة عبور لرواد الفضاء عند نزولهم إلى السطح. يتوقع أن تبدأ مهمة وضع الرواد في المدار حول القمر هذا العام، على أن يهبط الطاقم على سطحه بحلول عام 2026. تعتبر منطقة القطب الجنوبي من المناطق الرئيسية التي يركز عليها رواد أرتميس، لما يُعتقد من وجود كميات كبيرة من الجليد، وهو ما قد يُحدث نقلة نوعية في مهمات استكشاف القمر على المدى البعيد. ومع ذلك، يبقى التحدي الكبير هو بناء اتصال مستقر وفعال في فوهات شاسعة من المنطقة، حيث لن يتضح مدى نجاح ذلك إلا مع مرور الزمن والتجارب الفعلية على التضاريس الصعبة.