تظهر الحاجة الملحة لإعادة التفكير في مفاهيم النجاح في ريادة الأعمال مع تسارع الابتكارات وتزايد المنافسة. تتجلى هذه المفاهيم من خلال استراتيجيات “المحيط الأحمر” و”المحيط الأزرق”، التي توفر طرقًا جديدة للتنمية والابتكار. فهل يفهم رواد الأعمال كيفية الاستفادة من هذه المفاهيم لتعزيز نجاحهم في سوق متغير باستمرار؟
مفهوم استراتيجيات المحيط الأحمر والأزرق
تلتقي “سيدتي” بالدكتورة عائشة البوسميط، الكاتبة والإعلامية وخبيرة العلاقات الدولية والكوتش في الدبلوماسية، لتوضيح الفروقات بين هاتين الاستراتيجيتين. تعبر عن أن استراتيجية المحيط الأزرق تعتمد على خلق أسواق جديدة حيث لا توجد منافسة، بينما يشير المحيط الأحمر إلى السوق التقليدي المزدحم الذي تتصارع فيه الشركات على نفس العملاء، مع استمرار الصراع وتحقيق هوامش ربح منخفضة.
المحيط الأحمر: حرب على السوق التقليدي
توضح الدكتورة عائشة أن سوق المحيط الأحمر يتسم بالمنافسة الشرسة، حيث تركز الشركات على استحواذ نفس العملاء باستخدام استراتيجيات تقليدية للتسعير والتسويق، مما يسبب حرب أسعار وتقليل هوامش الربح. تقتصر جهود المؤسسات على الاستحواذ بدلاً من الابتكار، وهو ما يؤدي إلى استهلاك الكثير من الطاقة والموارد في لعبة خاسرة غالبًا.
المحيط الأزرق: ابتكار أسواق جديدة
أما في المحيط الأزرق، فتتميز المؤسسات بالبحث عن فرص جديدة من خلال ابتكار عروض تلبي احتياجات غير مخدومة أو غير مكتشفة من قبل، بحيث تخلق طلبًا جديدًا بدلاً من التنافس على الطلب القائم. تعتمد على الجمع بين الابتكار والاحتياج الفعلي للجمهور، مما يؤدي إلى تمييز كبير وزيادة في القيمة المقدمة.
أمثلة على استراتيجيات المحيطين
تقدم الدكتورة عائشة أمثلة حية تظهر كيف تنجح الشركات في ابتكار أسواق جديدة، مثل شركة آبل التي أطلقت منظومة متكاملة مع iTunes وiPhone، أو سيرك ديسو ليلى الذي ألغى عنصراً حيوانيًا ودمج العروض الفنية، ومنصة Airbnb التي غيرت مفهوم الضيافة بتمكين الأفراد من تأجير مساحات خاصة، دون أن تمتلك الشركة عقارًا واحدًا.
أدوات عملية للانتقال إلى المحيط الأزرق
تؤكد الدكتورة أن التحول من المحيط الأحمر إلى الأزرق يتطلب أدوات تعزز التفكير الابتكاري. من أبرز هذه الأدوات أداة SCAMPER التي تعتمد على سبع تقنيات هي الاستبدال، الدمج، التكيف، التعديل، الاستخدام في غرض جديد، الإلغاء، والعكس. عبر طرح أسئلة بسيطة على المنتج أو الخدمة، يمكن توليد أفكار جديدة تفتح أبوابًا لأسواق غير مكتشفة.
توضح أن استبدال عنصر في خدمة أو دمج فكرتين أو استخدام منتج في مجال مختلف يعيد تحديد القيمة بطريقة جديدة، وهو ما نراه اليوم في تطبيقات الواقع الافتراضي في التعليم أو رموز QR في قوائم الطعام، أو نماذج البيع عبر الإنترنت.
التفكير التصميمي
تعتمد الدكتورة أيضًا على منهجية التفكير التصميمي التي تركّز على فهم حاجات الإنسان، حيث تمر بخمس مراحل تبدأ بالتعاطف مع المستخدم، ثم تحديد المشكلة، توليد الأفكار، النمذجة الأولية، وأخيرًا الاختبار. تستخدم شركات عالمية منها Google وNike هذه المنهجية لتحقيق ابتكارات تفيد المستخدمين بشكل أعمق.
هل نملك الشجاعة لإعادة رسم محيطنا؟
تختتم الدكتورة عائشة حديثها بتوجيه رسالة لكل رائدة أعمال، تؤكد أن استراتيجية المحيط الأزرق تتطلب الشجاعة لإعادة تعريف التنافس، وأن أدوات مثل SCAMPER والتفكير التصميمي ليست مجرد تقنيات، بل رؤى تفتح أبوابًا للابتكار والتفكير الإنساني الحقيقي. فهي تدعو إلى الجرأة لرسم مسارات جديدة في عالم يتغير بسرعة، والاستفادة من هذه المفاهيم لبناء مستقبل ريادي مميز ومبتكر.