تحدث مقاومة الأنسولين عندما تفشل خلايا الجسم في الاستجابة بشكل فعال للأنسولين، وهو الهرمون الذي ينظم مستوى السكر في الدم. تعتبر هذه الحالة مقدمة لمرض السكري من النوع الثاني، وقد تتطور بسرعة إذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح. وغالبًا ما لا تظهر عليها علامات واضحة، لكن تأثيراتها على الصحة خطيرة إذا تركت دون علاج.
حالات صحية تسببها مقاومة الأنسولين
تظهر أولى علامات مقاومة الأنسولين في زيادة الشهية، حيث يشعر الأشخاص بالجوع المستمر حتى بعد تناول الطعام، نتيجة لنقص الطاقة في الخلايا وعدم قدرتها على معالجة الجلوكوز بشكل صحيح، مما يحفز الجسم على الرغبة في تناول المزيد من الأطعمة السكرية والكربوهيدرات. كما يعاني الأشخاص من زيادة غير مبررة في الوزن، خاصة في منطقة البطن، لأنها تتراكم الدهون نتيجة لتخزين الجسم للسكر الزائد، وتكون الشهية وزيادة الوزن عاملاً يفاقمان الحالة ويزيدان من مقاومة الأنسولين.
تسهم مقاومة الأنسولين بشكل كبير في خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، حيث يفرز البنكرياس كميات إضافية من الأنسولين لمواجهة انخفاض حساسية الخلايا، مما يرهق البنكرياس ويؤدي في النهاية إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم، والدخول في مرحلة ما قبل السكري، التي قد تتطور إلى السكري ذاتيًا إذا لم يتم علاج الحالة في مراحلها المبكرة.
تؤدي الحالة إلى مشاكل القلب والأوعية الدموية، إذ تتسبب مقاومة الأنسولين في تغيرات صحية مثل ارتفاع ضغط الدم وتراكم الدهون الثلاثية وانخفاض مستوى الكوليسترول الجيد، مما يزيد من احتمالات الإصابة بأمراض القلب والنوبات القلبية واحتشاء الشرايين. كما تسبب تلف الأوعية الدموية، مما يجعل القلب يضطر لبذل جهد أكبر للتنفس، ويصل الأمر إلى تلف الأوعية والنوبات القلبية.
تنتج مقاومة الأنسولين عن تغيرات جلدية، مثل ظهور بقع داكنة مخملية على الرقبة والإبطين، نتيجة لتكاثر خلايا الجلد تحت تأثير مستويات الأنسولين العالية. كما تزيد هذه الحالة من خطر الإصابة بمتلازمة تكيس المبايض، والتي تؤدي إلى اضطرابات في الدورة الشهرية، وصعوبات في الإنجاب، وتغيّرات هرمونية أخرى.
يُسبب مقاومة الأنسولين أيضًا تعبًا مستمرًا، إذ لا تتلقى الخلايا الجلوكوز الكافي للطاقة، مما يؤدي إلى شعور مستمر بالإرهاق. كما تزداد قدرة الكلى على إخراج البول للتخلص من السكّر الزائد، مما يسبب جفافًا وعطشًا دائمًا. وتؤثر الحالة سلبًا أيضًا على الجهاز المناعي، إذ تضعف من قدرة الجسم على مقاومة الالتهابات والتئام الجروح، وتكون العدوى أكثر تكرارًا لدى المصابين.
لماذا يجب أن تأخذ مقاومة الأنسولين على محمل الجد؟
على الرغم من أن علامات مقاومة الأنسولين قد تظهر بشكل غير واضح أو بدون أعراض ظاهرة، إلا أن تأثيرها الصحي كبير، فهي تضر بوظائف القلب، وتؤثر على تنظيم السكر، وتؤدي إلى اضطرابات هرمونية. ومع مرور الوقت، تتطور الحالة إلى مرض السكري من النوع الثاني، الذي يهدد حياة المريض بجانب مشاكل القلب والأوعية الدموية، مما يقلل من العمر المتوقع ويؤثر على جودة الحياة إذا لم يتم التعامل معها بشكل جدي.
لكن هناك جانب إيجابي، فمع تغييرات في نمط الحياة، مثل ممارسة التمارين الرياضية، واعتماد نظام غذائي متوازن، وفقدان الوزن، يمكن إيقاف تطور مقاومة الأنسولين أو عكسها تمامًا. بالإضافة إلى ذلك، تعلم تقنيات إدارة التوتر والضغط النفسي من شأنه أن يساهم في تحسين الحالة والحد من مضاعفاتها.