يؤدي استنشاق الروائح إلى تأثير فوري على الإنسان، حيث تمر عبر مركز العاطفة والذاكرة في الدماغ، ويقع مركز الشم بالقرب من منطقتين حيويتين هما “الحُصين”، المسؤولة عن تخزين الذكريات، و”اللوزة الدماغية” المعنية بإدارة المشاعر. لذلك، لا تمر الرائحة فقط عبر الحواس، بل تتسلل مباشرة إلى قلب العواطف، وتخزن على هيئة إحساس لا يُنسى.
ارتباط الروائح بالذكريات والأمان
تربط بعض الروائح، مثل رائحة الخبز الطازج أو القهوة، غالبًا بالشعور بالدفء والأمان، خاصة عند حضور أمهات أو خلال لحظات الألفة المنزلية. عندما يُشم عطرك الغائب، قد تثير الذكريات مشاعر مؤثرة، وحتى تبكي دون سبب واضح، إذ يبدأ الدماغ في استعادة ذكريات الماضي من خلال الروائح التي تربطك بوقت معين أو شخص غائب.
الروائح كوسائل علاجية
يلجأ الأطباء أحيانًا لاستخدام الروائح كجزء من العلاج بالعطر، خاصة في حالات القلق والاكتئاب. استدعاء ذكرى سعيدة عبر رائحة مألوفة يمكن أن يقلل من حدة التوتر ويمنح المريض إحساسًا بالأمان والاستقرار، إذ تعد الروائح أدوات لنقل الحالة الشعورية المرتبطة بها، وتحفيز المشاعر الإيجابية داخل الإنسان.
الاحتفاظ بنفس العطر وتأثيره على النفس
قد تتكرر رغبتك في استخدام نفس العطر خلال لحظات الحب أو الانتصار، لأن العطر هنا لا يُعد مجرد رائحة، بل ذاكرة حية تُسجل وتُعاد استحضارها بتكرار التجربة. لذلك، نفضل عادة عطرًا معينًا ونرفض تغييره، لأنه يرتبط بمشاعر أو لحظات هامة في حياتنا، ويشبع الحاجة إلى استعادة تلك الذكريات.
استخدام العطر حسب الحالة المزاجية
ينصح باستخدام عطور متنوعة تتلاءم مع الحالة الشعورية. يُحتفظ بعطر يذكرك بلحظة قوة، وتستخدمه عند الحاجة لاسترجاع تلك الطاقة. ينبغي تجنب الروائح التي تربطك بمشاعر أليمة، حتى وإن كانت جميلة، لأنها يمكن أن تكون محفزًا سلبيًا أو عبئًا عاطفيًا، حسب الذكرى المرتبطة بها.
باختصار، للعطور تأثير نفسي عميق يمتد إلى القلب والذاكرة. فهي ليست مجرد رائحة، وإنما أدوات قادرة على استحضار المشاعر، وتخفيف القلق، وتحفيز القوة، وتعيد توصيل الإنسان بماضيه بطريقة غير مباشرة، وتبقى ذكرياتها محفورة في أعماقه.
