تُظهر الأبحاث الحديثة أن الأدوية المستخدمة لعلاج السمنة ومرض السكري من النوع الثاني لم تعد تقتصر على تحسين الوزن وتنظيم مستوى السكر في الدم فقط، بل أظهرت نتائج غير متوقعة تؤكد قدرتها على حماية الدماغ من أمراض خطيرة مثل الزهايمر والسكتة الدماغية. إذ أجرى فريق من العلماء دراسة موسعة استندت إلى بيانات أكثر من 60 ألف شخص يعانون من السمنة ومرض السكري، وتبين أن من يستخدمون أدوية تنتمي إلى فئة تُعرف بـ “ناهضات مستقبل GLP-1” سجلوا معدلات أقل من الإصابة بمشكلات عصبية خطيرة، حيث انخفض خطر الإصابة بالخرف بنسبة تصل إلى 37%، وخفضت احتمالية السكتة الدماغية الإقفارية بنسبة 19%، كما تراجعت نسبة الوفيات لأسباب مختلفة بنسبة تصل إلى 30% مقارنة بغيرهم.
كيف تعزز هذه الأدوية صحة الدماغ؟
يُعتقد أن لهذه الأدوية تأثيرات متعددة على الجهاز العصبي، حيث تساهم في تقليل الالتهاب العصبي وتقلل من تراكم البروتينات الضارة المرتبطة بأمراض مثل الزهايمر. بالإضافة إلى ذلك، تساهم في تحسين تدفق الدم إلى الدماغ، وتساعد على استقرار صحة الأوعية الدموية الدقيقة، مما يعزز الحماية العصبية ويُحسن من وظيفة الدماغ على المدى الطويل. اللافت أن هذه الفوائد التوقعية تظهر بصورة واضحة خاصة عند النساء فوق سن الستين، خاصة من يعانين من كتلة جسم تتراوح بين 30 و40، مما يشير إلى أن بعض الفئات تكون أكثر استفادة من غيرها.
مخاطر ومحددات النتائج
مع ذلك، لم تكشف الدراسة عن وجود تأثير وقائي لهذه الأدوية ضد أمراض أخرى مثل مرض الشلل الرعاش أو السكتة الدماغية النزيفية، مما يوضح أن الدور الوقائي المحتمل يقتصر على حالات معينة فقط. يوضح الأطباء أن النتائج رغم قوتها الإحصائية، لا تؤكد وجود علاقة سببية مباشرة بين استخدام الأدوية وحماية الدماغ، نظرًا لكون الدراسة رصدية، حيث يمكن أن تؤثر عوامل أخرى كالأسلوب الحياتي أو الالتزام بالعلاج على النتائج. كما أن الباحثين لم يتوفر لديهم بيانات عن المؤشرات الحيوية أو صور الدماغ التي قد تفسر آلية الحماية بشكل أدق.
المستقبل والأبحاث اللازمة
لا تزال الحاجة قائمة لإجراء دراسات عشوائية محكمة قبل أن يُنصح باستخدام هذه الأدوية بشكل رسمي بهدف حماية الدماغ، إلا أن النتائج الحالية تزيد من الأدلة التي تدفع إلى توسيع مدى فهمنا لدور هذه الأدوية، فهي ليست فقط أدوات لفقدان الوزن، بل من الممكن أن تكون وسيلة للمساعدة في دعم الصحة العصبية والذهنية، خاصة للفئات المعرضة للخطر. إذ من المتوقع أن تؤدي المزيد من الأبحاث إلى اكتشاف فوائد إضافية لهذه الأدوية، وتحديد الفئات التي ستستفيد أكثر من غيرها.