يعاني الكثير من الأشخاص من الشعور بالقلق، وهو استجابة طبيعية لعوامل مختلفة في الحياة. ولكن يصبح الأمر خطيرًا عندما يستمر العقل في التردد والتفكير المفرط، خاصة عند التركيز على أسوأ السيناريوهات والندم على الماضي، مع التساؤل المستمر “ماذا لو”.
يفسر الخبراء أن هذا النمط من القلق يمكن أن يتطور إلى دائرة مغلقة تربط بين الماضي، الحاضر، والمستقبل، مما يجعل الشخص يشعر وكأنه عالق في حلقات لا تنتهي من التفكير المستمر. وبينما يعتقد البعض أن التفكير المفرط يساعد على التحضير أو إيجاد الحلول، تؤكد الدراسات أن الإفراط في التفكير يؤثر سلبًا على الصحة النفسية والجسدية، ويزيد من مخاطر التوتر والاضطرابات الصحية التي تصاحبها.
تأثير التفكير المفرط على الصحة
توضح الدكتورة فينايا في. بهانداري، أخصائية الأعصاب واضطرابات العضلات العصبية، أن الإفراط في التفكير يسبب توترًا شديدًا، حيث يحاكي أعراض أمراض جسدية خطيرة، مما يطمس الحدود بين الصحة العقلية والجسدية. عندما يفرط الشخص في التفكير، تنشط مناطق محددة في الدماغ مثل القشرة الجبهية الأمامية والقشرة الحزامية الأمامية والجهاز الحوفي. هذه المناطق مسؤولة عن معالجة المشاعر والانتباه والتوتر، مما يبقي الدماغ في حالة تأهب دائم ويجعل الاسترخاء أو التفكير بوضوح أمرًا صعبًا.
بالإضافة إلى ذلك، لا يقتصر تأثير التفكير المفرط على الإدراك فقط، بل يضر بالجسم من خلال تأثيره على عمليات الهضم، المناعة، وجودة النوم. حيث يؤدي استمرار التوتر الناتج عن التفكير المفرط إلى ارتفاع مستوى هرمون الكورتيزول، وتأخير التعافي من التوتر، مع زيادة معدل ضربات القلب وضغط الدم، وكلها عوامل تُضعف من قدرة الجسم على مقاومة الأمراض.
كيفية إدارة التفكير المستمر
رغم أن الشعور بأن الأفكار السلبية تسيطر على العقل قد يكون مرهقًا، فإن هناك أملًا في تحسين الوضع. من خلال طلب الدعم والتعامل مع المشكلة بطريقة منهجية، يمكن كسر دائرة التفكير المفرط. يعتبر العلاج السلوكي المعرفي من الطرق الفعالة التي تساعد على تحديد أنماط التفكير غير المفيدة وتعلم طرق عملية لتغييرها. كما تعد تمارين اليقظة والتنفس من الأساليب المفيدة، فضلاً عن تدوين المخاوف لتقليل العبء النفسي، وتقليل وقت الشاشات خاصة قبل النوم، مع ممارسة النشاط البدني بانتظام لتنظيم مستويات التوتر. ويمكن طلب مساعدة طبيب نفسي أو معالج عند الحاجة للتعامل بشكل أكثر فعالية مع هذا الاضطراب.
وفي النهاية، فإن الإفراط في التفكير المزمن قد يكون مرهقًا، لكن مع الدعم والأدوات الصحيحة، يمكن للجميع التعامل معه والسيطرة عليه بشكل يحسن جودة الحياة ويعيد التوازن النفسي والجسدي.