مشروع تجريبي لعلاج الاكتئاب من خلال أنشطة اجتماعية ومجتمعية
تعمل هيئة الخدمات الصحية الوطنية في جلوسترشاير على تنفيذ مشروع تجريبي يشارك فيه 12 طبيبًا عامًا، حيث يتم تقديم تذاكر مباريات فريق فورست غرين روفرز للمرضى الذين يعانون من اكتئاب خفيف إلى متوسط كنوع من العلاج. يهدف هذا المشروع إلى استبدال بعض الاعتماد على مضادات الاكتئاب بنماذج رعاية اجتماعية ومجتمعية، حيث يتم ربط المرضى بمصادر المجتمع المختلفة، مثل الرياضة والطبيعة والموسيقى، بهدف تحسين صحتهم النفسية والجسدية.
الأسباب والظروف المسببة لاقتراح الوصفات الطبية الاجتماعية
بينما تم وصف أكثر من 89 مليون جرعة من مضادات الاكتئاب في المملكة المتحدة خلال عامي 2023-2024، ولقى نحو 8.7 مليون شخص علاجًا، فإن تلك الأدوية غالبًا ما تتسبب في آثار جانبية وتكلفة عالية على ميزانية الرعاية الصحية والأفراد أنفسهم. لذا، برزت فكرة الوصفات الاجتماعية التي لا تعتمد على الأدوية فقط، ولكن تربط المرضى بالأنشطة والموارد المجتمعية لتعزيز الصحة النفسية بطريقة أكثر استدامة وفاعلية.
النتائج والتجارب السابقة ودروس منها
تشير نتائج أبحاث، منها دراسة جامعة وستمنستر في 2017، إلى أن برامج الوصفات الاجتماعية ساعدت في خفض عدد الزيارات لعيادات الأطباء والطوارئ بنسبة تصل إلى 28% و24% على التوالي، وهو ما يعكس نتائج واعدة على مستوى الصحة العامة. هذا النهج ليس محدودًا بالمملكة المتحدة، بل يعتمد على تجارب دولية أخرى؛ ففي الدنمارك، تم تمويل برنامج يركز على الأنشطة الثقافية لمدة عشرة أسابيع لمساعدة العاطلين عن العمل أو المتعافين من التوتر والقلق، وأظهرت النتائج أن المشاركين أصبحوا أكثر سعادة وتحفزًا، وشعروا بتحسن في حالتهم الصحية.
أهمية التحديات التي تواجهها المجتمعات الحديثة
لكن، لا يمكن الاعتماد فقط على المشاركة في أنشطة عادية كالتنزه أو الطبخ أو التوجيه الفني للتعامل مع الضغوطات النفسية، خاصة مع تزايد تحديات الحياة المعاصرة مثل التضخم والأزمات الاقتصادية والجائحة، التي زادت من صعوبة حياة فئات واسعة، خاصة الشباب غير المطمئنين لمستقبلهم. لذلك، تعتبر الوصفات الاجتماعية خطوة مهمة، لأنها تقدم مسارًا يدعم الشعور بالاندماج والانعزال الأقل، وتوفر فرصًا للترابط المجتمعي.
المساهمة في تغيير النظرة للصحة النفسية
تقديم تذاكر مجانية لمباريات كرة القدم، يُعد خطوة من نوعها لخلق لحظات من الفرح والدعم، خاصة لشخص يشعر بالانفصال أو الاكتئاب، الذي قد لا يستطيع تحمل تكلفة تلك التجربة أو يجرؤ على الحلم بها، وهو ما يرسخ مفهوم أن الصحة أحد الأبعاد المتكاملة للمجتمع، وليس حكرًا على المؤسسات الصحية فقط.