يختبر كل شخص لحظات مخيفة وخطيرة في حياته مرة واحدة على الأقل، فالبعض يتجاوزها بسهولة، بينما يكافح آخرون للتأقلم مع آثارها، وذلك وفقًا لشدتها وتأثيرها على الفرد.

تترك هذه الذكريات أثرًا نفسيًا واضحًا، وقد تتسبب استجابة الدماغ للأحداث المخيفة في مشاكل صحية مزمنة، حيث تشير الدراسات إلى أن حوالي 7 إلى 8 من كل 100 شخص يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة في مراحل من حياتهم.

يؤكد برنامج أبحاث الإجهاد الصادم في المعاهد الوطنية للصحة البريطانية على أننا لا نمتلك فحوصات دائماً يمكن من خلالها تحديد من هو الأكثر عرضة للإصابة باضطراب ما بعد الصدمة، لكن توجد عوامل تساعد في تحديد احتمالية الإصابة وتلك التي تقلل من خطرها.

ممارسة التمارين الرياضية اليومية تساعد على التعافي من الصدمات

تظهر الأبحاث أن ممارسة 21 دقيقة من التمارين الرياضية بشكل يومي يمكن أن تساهم في تغييرات دماغية تساهم في تقليل شدة الذكريات المرتبطة بالصدمات. فهذه الأنشطة ليست مجرد وسيلة للياقة البدنية، بل هي أدوات لإعادة تنظيم المشاعر والأفكار وردود الأفعال، الأمر الذي يدعم التعافي النفسي.

وفقًا لدراسة نشرت في 2024 في مجلة الطب النفسي الجزيئي، فإن تمارين ما بعد الصدمة تساعد على تعزيز نمو الخلايا العصبية في الحُصين، وهو الجزء من الدماغ المعني بالذاكرة والتعلم، وتقلل من مسارات الذاكرة المرتبطة بالخوف، مما يساهم في التخلص التدريجي من الذكريات الأليمة.

كيف تعمل التمارين الرياضية على الدماغ

توضح الدراسات أن ممارسة التمارين لمدة 21 دقيقة، مثل المشي السريع أو الركض أو ركوب الدراجة، تعمل على زيادة تكوين خلايا عصبية جديدة في الحُصين، وتساعد على إعادة توصيل الدوائر الدماغية، الأمر الذي يضعف ارتباط الذكريات المؤلمة بمواقف الصدمة ويقلل من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة، مثل الأفكار المتطفلة والتقلبات المزاجية.

تؤكد الأبحاث أن بناء عادة ممارسة التمارين المنتظمة، بالإضافة إلى الاستمرارية في ذلك، يحد من تأثيرات الصدمة على الدماغ، ويؤدي إلى تحسين الحالة النفسية والعقلية على المدى الطويل. ويشدد الباحثون على أن هذه التغييرات ليست نتيجة لمرة واحدة، بل تبرز مع الاستمرارية والتكرار.