تُعَد جراحة السمنة خيارًا فعالًا لعلاج السمنة المفرطة، إلا أن استخدامها قد يترافق مع مخاطر نقص التغذية. قام باحثون بإجراء مراجعة منهجية لدراسة حالات نقص المغذيات التي تظهر بعد إجراء عملية جراحة السمنة، بهدف فهم أسبابها، والعوامل التي تسهم فيها، واستراتيجيات الوقاية منها. نُشرت نتائج الدراسة في مجلة Clinical Obesity.
العلاقة بين جراحات السمنة ونقص التغذية
تُعتبر جراحة السمنة من الإجراءات ذات التكلفة المعقولة، وتُحقق فوائد تتجاوز خسارة الوزن فقط، حيث تُسهم في تحسين حالات مرض السكري من النوع الثاني، وضبط ارتفاع ضغط الدم، والحد من أمراض القلب والأوعية الدموية. مع ذلك، تترافق هذه العمليات مع احتمالية حدوث مضاعفات، من بينها نقص المغذيات الدقيقة، إذ أظهرت الدراسات أن نقص في الفيتامينات والمعادن يمكن أن يظهر بعد سنوات من الجراحة. لذلك، توصي الجمعية الأوروبية لدراسة السمنة (EASO) بمتابعة المرضى بشكل مدى الحياة، مع ضرورة تناول المكملات الغذائية والفحوص الدورية للكشف عن نقص التغذية بعد الجراحة.
أهمية المتابعة المستمرة بعد الجراحة
على الرغم من التوصيات، إلا أن نسبة صغيرة من المرضى تتلقى الرعاية والمتابعة طويلة الأمد اللازمة، ويعزو ذلك لعدم توفر خدمات متخصصة كافية، وعدم التمويل، وقصور في تدريب الطاقم الطبي، مما يعرض المرضى لخطر نقص التغذية، ويؤثر سلبًا على صحتهم. أظهرت الدراسات السابقة أن نقص الفيتامينات مثل E وD وA وK وB12 هو الأكثر انتشارًا، مع أن نقص الحديد وفقر الدم لا يُذكر بكثرة، رغم أهميتهما الصحية.
تأثير نقص الفيتامينات على المرضى
تضمنت الدراسات التي أُجريت على مرضى خضعوا لجراحة السمنة منذ أكثر من عامين، 83 حالة استوفَت المعايير. وجد أن نسبة كبيرة من هؤلاء يعانون من نقص في فيتامينات أ، د، النحاس، الزنك، ب12، وحمض الفوليك، والثيامين، والسيلينيوم. يعاني مرضى نقص فيتامين أ عادة من اضطرابات بصرية مثل العشى الليلي، والألم والحساسية في العين. أما من يعانون من نقص النحاس، فَيظهر عليهم فشل كبدي وأعراض عصبية، وتتحسن حالتهم بعد تناول مكملات الفيتامينات والمعادن. ويُعاني بعض المرضى من نقص في فيتامين د فقط، بينما تكون الأعراض أكثر وضوحًا مع نقص أكثر من فيتامين واحد، وتظهر عليهم علامات ضعف العضلات وآلام المفاصل وهشاشة العظام. ويلعب نقص الزنك وفيتامين ب12 وحمض الفوليك دورًا في ظهور أعراض جلدية وتكرار القرحة وصعوبة التنفس والتعب الشديد.
طرق الوقاية من نقص التغذية بعد جراحة السمنة
تعد سوء التغذية بعد العملية نتيجة حتمية لأسباب متعددة، مثل التغذية غير المتوازنة، نقص مكملات الفيتامينات، عدم اكتشاف الحالة في وقت مبكر، والتقصير في المراقبة والمتابعة، وقصور المعرفة الطبية والتثقيف الصحي. إن تجاهل الكشف المبكر عن نقص المغذيات، والإهمال في التدخل، قد يؤدي إلى مضاعفات دائمة أو الوفاة. لذلك، من الضروري اتباع نظام غذائي صحي، والانتظام في المتابعة الطبية، والإلتزام بتناول المكملات، وإجراء الفحوص الدورية للكشف المبكر عن أي نقص في المغذيات، خاصة مع ضعف نظم الرعاية الصحية في بعض المناطق التي تقلل من فرص المتابعة المستمرة.