ليس فقط غرورًا.. أنماط اضطراب “وهم العظمة” وطرق العلاج

الوهم العظمة: حقيقة وراء التصورات المفرطة عن الذات

يُظهر كثير من الأشخاص تصرفات تبدو مغرورة أو متكبرة، لكن الغرور قد لا يكون دائمًا مجرد تصرف سطحي، بل يمكن أن يكون عرضًا نفسيًا معقدًا يخفي خلفه اضطرابًا أعمق يُعرف باسم “وهم العظمة”. يتمثل هذا الوهم في اعتقاد راسخ وغير منطقي بأن الشخص يمتلك صفات خارقة أو مكانة عالية لا تتوافق مع الواقع، على الرغم من غياب الأدلة التي تثبت ذلك.

ما هو وهم العظمة؟

وفقا لتقارير طبية، لا يعتبر وهم العظمة حالة مستقلة بحد ذاتها، بل هو غالبًا علامة على اضطرابات ذهانية مثل الفصام أو اضطراب ثنائي القطب، وأحيانًا يظهر في اضطرابات الشخصية أو نتيجة لتعاطي مواد مخدرة. يجعل هذا الوهم صاحبه يعتقد أنه شخص استثنائي، ويمتلك قدرات نادرة، أو أن لديه مهمة أو رسالة خاصة من الكون، ويعتقد أنه غير قابل للهزيمة أو الجرح.

أنماط وأشكال الوهم

تتعدد صور هذا الاضطراب بشكل كبير، فبعض الأشخاص يظنون أنهم يمتلكون قدرات خارقة، مثل رؤية المستقبل أو الشفاء الروحي، والبعض يعتقدون أنهم شخصيات تاريخية عائدة من الموت، أو أنهم أصحاب نفوذ عالمي غير مرئي. يعامل بعضهم أنفسهم كمختارين من قوى كونية عالية، ويشعرون أنهم منقذون للبشرية، أو أن لا أحد يستطيع إضرارهم جسديًا.

الأعراض التي تدل على وجود الوهم

يميل الأشخاص الذين يعانون من وهم العظمة إلى إظهار سلوكيات غير معتادة، مثل التمسك الشديد بقناعات غير قابلة للنقاش، ورفض الأدلة التي تتعارض مع أفكارهم، ويظهر عليهم شعور مبالغ فيه بالقوة، وصعوبة في الحفاظ على علاقات طبيعية وسليمة بسبب اعتقادهم الذاتي المبالغ فيه بمكانتهم أو قدراتهم، ويقلقون من قبول المساعدة أو الدعم الخارجي.

متى يظهر هذا الاضطراب ولماذا يحدث؟

لا يوجد سبب واحد معروف لحدوث وهم العظمة، لكنه غالبًا يرتبط بعوامل مثل وجود تاريخ أسري من اضطرابات عقلية، أو خلل في كيمياء الدماغ خاصة إفراز مادة الدوبامين، فضلاً عن التعرض لصدمات نفسية قوية أو إهمال عاطفي، وأيضًا بعض الإصابات الدماغية أو تأثيرات أدوية معينة. كما أن اضطرابات الشخصية، خاصة النرجسية، قد تساهم في ظهور هذا الاضطراب.

كيفية التشخيص والعلاج

يتم تشخيص وهم العظمة من خلال مقابلات نفسية وتحليل نمط التفكير والسلوك للمريض، ويعتمد العلاج بشكل رئيسي على الأدوية المضادة للذهان لتنظيم الأفكار، وجلسات العلاج المعرفي السلوكي التي تساعد على إعادة تقييم المعتقدات الخاطئة. وفي الحالات الشديدة، قد يُلجأ للعلاج تحت إشراف طبي مباشر، مع التأكيد على ضرورة أن يكون العلاج تدريجيًا ويعتمد على بناء الثقة بين المريض والمعالج.

هل يمكن الوقاية أو التقليل من أثر الحالة؟

لا يمكن دائمًا منع ظهور وهم العظمة، لكن الكشف المبكر وتلقي العلاج بانتظام يساعدان على تقليل خطورة تفاقم الأعراض. كما يفيد الدعم الأسري وبيئة العيش المستقرة في منع تفشي هذا الاضطراب أو تطوره، مما يساعد المريض على التعايش بشكل أفضل والتعامل مع الواقع بشكل أكثر توازنًا.

الخلاصة

وهم العظمة لا يقتصر على تملك شعور زائف بالثقة الزائدة أو التكبر، بل هو خلل نفسي يتطلب فهمًا عميقًا وتدخلًا مهنيًا متخصصًا. يتطلب التقدير الحقيقي للذات الاعتماد على توازن داخلي ورؤية واقعية للذات، وليس على أوهام أو تصور غير حقيقي عن القدرات أو المكانة.

تابعوا آخر أفكارنا الجديدة

اقرأ أيضاً
اترك تعليق

يعني التعليق على هذا المقال أنك توافق على شروط الخدمة.

اترك تعليق

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

اختيارات المحرر