يتساءل الكثيرون عن تأثير وضعية الجلوس السيئة أمام الشاشة أو الاسترخاء المائل على صحتهم، حيث يعتقدون أنها تقتصر على آلام الظهر والرقبة، لكن الواقع أعمق من ذلك. فهذه الوضعيات، التي أصبحت جزءًا من حياة العمل الطويلة في المكاتب والمنازل، لا تؤثر فقط على مظهر الجسم أو حركته، بل قد تمتد آثارها إلى صدورنا، وتثير تساؤلاً مهمًا: هل يمكن أن تتحول انحناءة بسيطة أو جلوس غير صحيح إلى ألم في الصدر يهدد راحتنا وصحتنا؟
العلاقة بين وضعية الجسم وألم الصدر
تُوضح الدراسات أن وضعية الجسم غير الصحيّة، خاصة الانحناء للأمام أو الجلوس غير المستقيم، قد تؤدي إلى ضغط على جدار الصدر. هذا الضغط، وفقًا لموقع “هيث سيت”، قد يحد من حركة الرئة ويؤدي إلى مشاكل في المفاصل والأنسجة الضلعية والعمود الفقري العلوي، مما يسبب ألمًا حادًا في الصدر. كما أن هذا الخلل قد يؤدي إلى تعطيل وظيفة الأعصاب المحيطة ويُسبب تصلبًا في الجزء العلوي من الجسم، الأمر الذي يُشبه ضغطًا داخليًا يهدد سلامة الأعضاء ويقلل من جودة التنفس.
كيف يسبب وضع الجلوس الخاطئ ألمًا في الصدر؟
تؤدي أيام العمل الطويلة، سواء في المنزل أو المكتب، دون وعي إلى ظهور آلام مزمنة في الظهر مع مشاكل صحية أخرى، مثل صعوبة التنفس. يُعد ضغط الجسم السيء على جدار الصدر أحد الأسباب التي تؤدي إلى انضغاط جدران الرئة أو غضاريف الأضلاع أو المفاصل بين الأضلاع والقص، ما يسبب ألمًا شديدًا في الصدر. كما أن الانحناء المستمر يُحفز على تكون أربطة عضلية في جدران الصدر، ومع مرور الوقت، تُصبح مصدرًا للألم بسبب التوتر والشد العضلي المستمر.
أثر الوضعية السيئة على أجزاء الجسم الأخرى
إلى جانب الصدر، فإن وضعية الجلوس غير الصحية قد تؤدي إلى آلام في الرقبة، والكتف، والظهر، وأية منطقة أخرى من الجسم، حيث أن الانحناء أو الجلوس المائل يُسبب شدًا في عضلات وصِلات جدار الصدر والرقبة، مما يُحَفز الألم ويُسبب تصلبًا. يُشير بحث أن الجلوس للأمام لساعات، خاصة أثناء استخدام الهاتف أو العمل على المكتب، يُسبب شدًا في عضلات الظهر والصدر، مما يُسبب ألمًا يُشبه الوخز أو الحرقان، مع مرور الوقت.
أعراض وعلاج آلام الصدر الناتجة عن الانحناء
تُظهر أعراض ألم الصدر الناتج عن الوضعية السيئة غالبًا زيادة الألم مع الحركة، والتنفس، أو تغيير الوضع، وتخف عادةً عند التمدد والراحة. غالبًا لا يصاحب هذا الألم تعرقًا أو غثيانًا أو ضيقًا في التنفس، ويمكن تحسينه من خلال تعديل وضعية الجسم وتصحيحها. يوضح الأطباء أن هذا الألم يُعد من نوع الألم العضلي الليفي، الذي يمكن علاجه بسهولة عبر ممارسة تمارين تصحيح الوضعية، وزيادة قوة العضلات، واستخدام العلاج الطبيعي، وقد يتطلب الأمر أحيانًا تدخلات علاجية محددة، مثل حقن العقيدات العضلية لتفكيك التصلبات.
نصائح لتصحيح وضعية الجسم وتقليل المخاطر
للوقاية من مشاكل الوضعية الصحية، ينصح الأطباء باتباع بعض النصائح البسيطة، منها الجلوس بشكل مستقيم مع تثبيت القدمين على الأرض، وتجنب الانحناء أمام المكاتب أو الهاتف، وأخذ استراحات قصيرة كل 30 إلى 60 دقيقة لإطالة الجسم وتغيير الوضعية، ودمج تمارين اليوجا أو ملائكة الحائط في الروتين اليومي لتحسين وضعية الجسم. كما يُنصح بالحركة المستمرة وتجنب الثبات في وضع واحد لفترات طويلة، للمساعدة في تقليل آلام الظهر والصدر الناتجة عن الوضعية السيئة.