تبدأ أمراض المناعة الذاتية بشكل مُحيِر، حيث يمكن أن تظهر بشكل طبيعي في البداية سواء على شكل شعور بالراحة، ثم فجأة يتغير مسار جهازك المناعي ويبدأ بمهاجمة جسمك باعتباره غريبًا. قد تظهر عليك أعراض مثل ألم في المفاصل، مشاكل جلدية، أو اضطرابات في الأمعاء، ولكن لماذا يحدث ذلك؟ يوضح تقرير موقع “Healthline” أن السبب غالبًا غير واضح، فهي تتسلل تدريجيًا بفعل مزيج من الضغوط والعادات السيئة وأحيانًا بعوامل خارجة عن السيطرة، وتبدأ بدون أن تلاحظها حتى تظهر العلامات بشكل مفاجئ. هناك أسباب خفية تساهم في ذلك، منها عوامل متعددة تتفاعل مع بعضها وتؤدي لهذا الخلل في الجهاز المناعي.
الإجهاد المزمن وضرره على الجهاز المناعي
يعاني الجميع من التوتر والضغوط، لكن عندما يتحول التوتر إلى حالة مزمنة ويصاحبه أعراض مثل ضيق الصدر، شد الفك أو ضغط النفس المستمر، فإن الجسم لا يستطيع تجاهله. يتسبب الإجهاد المزمن في تعطيل نظام المناعة، وفتح الباب للالتهابات، والتأثير على الهرمونات، وصحة الأمعاء، وكلها عوامل مرتبطة بشكل وثيق بظهور أمراض المناعة الذاتية. وغالبًا، لا يدرك الشخص مدى توتره حتى تبدأ الأعراض في الظهور بشكل غير واضح، كعلامات تحذيرية تشير إلى خلل في الجسم.
تجاهل صحة الأمعاء وأثرها على المناعة
تُعد الأمعاء أكثر من مجرد جهاز هضمي، فهي تعتبر صديقًا دائمًا للجهاز المناعي، وعندما تتلف بطانة أمعائك بسبب الإفراط في تناول الأطعمة المعالجة، أو المضادات الحيوية، أو السكر المفرط، قد يحدث ما يُعرف بـ”الأمعاء المتسربة”. تسمح هذه الحالة بدخول مواد غير مفترض أن تدخل مجرى الدم، مما يربك جهاز المناعة ويجعل الجسم يبالغ في استجابته، مهاجمًا الأنسجة السليمة، بدلاً من مهاجمة المسبب الحقيقي للأمراض. ولذلك، يجب الاعتناء بصحة الأمعاء للحفاظ على استقرار المناعة.
العدوى الفيروسية الكامنة وتأثيرها على الجسم
بعض الفيروسات لا تختفي تمامًا بعد الإصابة، بل تبقى مخبأة داخل الجسم وتؤثر على استجابة الجهاز المناعي. في بعض الحالات، تُحفِز هذه العدوى المستمرة استجابة مبالغ فيها من الجسم، حيث يبدأ في مهاجمة نفسه، وهو ما يُعد سببًا محتملاً لأمراض المناعة الذاتية التي يظهر الكثير من أعراضها بشكل تدريجي على مدى الزمن. لذلك، يركز الأطباء مؤخرًا على دور الفيروسات التي تُبقى كامنة وتأثيرها على الصحة المناعية.
التراكم التدريجي للسموم وتأثيراته
تتعرض أجسامنا بشكل مستمر لسموم بيئية مثل المبيدات الحشرية، والمواد الكيميائية البلاستيكية، وتلوث الهواء، والمعادن الثقيلة، وهذه المواد تتراكم مع مرور الوقت. وجود تراكمات سمومية يرهق أجهزة جسمك المعنية بإزالة السموم، مثل الكبد والكلى، ويتدخل الجهاز المناعي أحيانًا برد فعل مفرط، ما يؤدي إلى التهاب مزمن يصعب السيطرة عليه. لذلك، يجب الحذر من تعرض الجسم لهذه السموم، والعمل على تقليل التعرض لها و دعم وظائف إزالة السموم الطبيعية في الجسم.
نقص العناصر الغذائية ودوره في اضطراب المناعة
قد يُظن أن نقص فيتامين د، أوميغا 3، السيلينيوم، الزنك، أو الحديد أمر بسيط، إلا أن تأثيره على جهاز المناعة عميق. فقصور هذه العناصر يعيق تنظيم الوظائف المناعية بشكل صحيح، مما يجعل الجسم يهاجم أهدافًا غير خاطئة، أو يتجاهل تهديدات حقيقية. عادةً، يُلاحظ الأمر بعد فترات طويلة، عندما يتفاقم الوضع ويصبح من الصعب معالجة المشكلة، لذا من المهم الالتفات إلى تناول العناصر الضرورية بشكل منتظم.
اختلال التوازن الهرموني وتأثيره على المناعة
تُلاحظ أن النساء أكثر عرضة لمشاكل أمراض المناعة الذاتية، والسبب الرئيسي قد يكون اضطراب الهرمونات. الهرمونات مثل الإستروجين، البروجسترون، الكورتيزول، وهرمونات الغدة الدرقية تتفاعل باستمرار مع الجهاز المناعي للحفاظ على توازنه. لكن عندما تتعرض هذه الهرمونات لاضطرابات نتيجة لاستخدام وسائل منع الحمل، أو مشاكل الغدة الدرقية، أو انقطاع الطمث، يحدث خلل يربك الاستجابة المناعية. ينتج عن ذلك رسائل متضاربة للأجهزة المناعية، قد تؤدي إلى مهاجمة الأنسجة السليمة أو التسبب في التهابات مزمنة.
الالتهاب المزمن كعامل خفي يضر بالجهاز المناعي
يعاني الجسم أحيانًا من التهاب مزمن لا يظهر بشكل واضح، لكنه خطر على صحة الجهاز المناعي. يحدث ذلك نتيجة تناول الأطعمة المعالجة بشكل مفرط، أو قلة النوم، أو ضعف النشاط البدني أو التوتر العاطفي، حيث يعتاد الجهاز المناعي على مقاومة كل شيء، بما في ذلك خلايا الجسم السليمة. هذا الالتهاب المزمن يضعف الجهاز ويجعله أكثر عرضة للأمراض، ويصعب معالجته إلا من خلال تغييرات نمط الحياة والتغذية السليمة.