بدأت تنتشر من جديد هواية الحياكة، التي كانت سابقًا مرتبطة بكبار السن، بين جيل “زد”، حيث أصبحت ممارسة الحياكة أكثر شعبية بين الشباب والأجيال الجديدة. لا تقتصر فوائدها على الطابع النوستالجي فقط، بل تساهم أيضًا في تعزيز صحة الدماغ وتحسين وظائفه. تظهر الدراسات أن الأنشطة اليدوية مثل الحياكة تعمل على تنشيط مختلف مناطق الدماغ من خلال تنسيق الحركات وتخطيطها، مما يعزز الذاكرة والانتباه والوظائف الحركية، بالإضافة إلى تنظيم المشاعر. إذ يُلاحظ أن اليدين تُستخدم بشكل متكرر ومنسق أثناء الحياكة، مما يحمّل الدماغ أنظمة متعددة في آن واحد. يشدد خبراء الأعصاب على أن هذا النوع من التحفيز الثنائي يساعد على توازن مستوى الدوبامين، الأمر الذي يُسهم في تحسين المزاج وزيادة التركيز، بالإضافة إلى الحد من تدهور القدرات الإدراكية مع التقدم في العمر. وفي مقابل الأنشطة التي تؤدي إلى إطلاق سريع للدوبامين، مثل التصفح في وسائل التواصل أو تناول السكريات، فإن الحياكة توفر مكافأة عصبية بطيئة ومستدامة تساهم بشكل أكبر في الحفاظ على صحة الدماغ.
لكن الفائدة القصوى من الحياكة تكمن في تعلم مهارة جديدة، فبمجرد أن تصبح عادة يومية ثابتة، تقلّ تأثيراتها الإيجابية على الدماغ. ينصح الخبراء بمواصلة تحدي الدماغ بتعلم مهارات جديدة باستمرار، فذلك يُعزز مرونته ويزيد من قدرته على التكيف. وتُعتبر الهوايات اليدوية الأخرى، مثل الترقيع أو صناعة الفخار أو النحت على الخشب، أيضًا مفيدة لصحة الشيخوخة، خاصة تلك التي تتطلب اتباع خطوات متسلسلة. توضح خبيرة في مجال التقدم في السن أن هذه الهوايات تعمل كتمارين ذهنية تساعد على منع التدهور العقلي المبكر. بالإضافة إلى تحفيز الدماغ، تساهم تلك الهوايات في تقليل التوتر وتقوية الروابط الاجتماعية، خاصة عند ممارستها ضمن مجموعات. على الرغم من الاعتماد المتزايد على التطبيقات الذكية لتدريب الدماغ، يعتقد الخبراء أن الهوايات التقليدية تبقى أكثر فاعلية لأنها توفر فرصًا للتواصل الاجتماعي وتحفيز الدماغ بشكل مستمر. وأظهرت الدراسات أن الأشخاص المصابين بمرض باركنسون استفادوا من الأنشطة الإبداعية عبر تحسين الذاكرة والمهارات اليدوية والمزاج.
