يكشف الأطباء أن حوالي 20 ألف امرأة سنويًا قد يحتاجن إلى استئصال الثدي السليم لوقايته من مرض السرطان، وبعض هؤلاء النساء في الثلاثينيات من العمر، ويعد اتخاذ قرار استئصال الثدي خيارًا صعبًا للغاية، حيث لم يكن سوى عدد قليل من النساء سابقًا يلجأن إليه، وهو إجراء يهدف إلى تقليل خطر الإصابة بسرطان الثدي عن طريق إزالة الثدي السليم، خاصةً للنساء ذوات المخاطر العالية، وغالبًا بسبب عوامل وراثية.
الخيارات الصعبة والتحديات
تواجه النساء اللاتي يواجهن احتمالية عالية للإصابة بسرطان الثدي خيارين صعبين، إما مواجهة احتمال حدوث المرض أو الخضوع لعملية جراحية تعتبرها بعض المصادر عملية قديمة ومشوهة، تسمى استئصال الثدي، حيث يزعم الأطباء أن الجراحة تقلل بشكل كبير من خطر الإصابة وتُعرض غالبًا على النساء اللاتي يمتلئن عوامل وراثية معروفة، مثل وجود الطفرات في جينات BRCA1 وBRCA2، التي تزيد الخطر إلى أكثر من 80% على مدى الحياة.
تأثير جولي والوعي المجتمعي
شهدت الثلاثينات من القرن الحالي ارتفاعًا في الوعي حول أهمية الفحوصات الجينية وخيارات الوقاية، إذ لعبت الممثلة أنجلينا جولي دورًا بارزًا عندما قررت استئصال ثدييها بعد اكتشاف أنها تحمل طفرة BRCA1، وهو قرار جعل الكثير من النساء يبحثن عن اختبارات جينية ويعتنين بصحتهن بشكل أكبر، وأدى هذا إلى زيادة كبيرة في عمليات استئصال الثدي الوقائية، رغم أن عدد النساء اللاتي يتخذن القرار في المملكة المتحدة لا يتجاوز 2000 امرأة سنويًا، ومع ذلك، يطالب بعض الخبراء بتوسيع برامج الفحص لتشمل ما يصل إلى 20 ألف امرأة سنويًا، بهدف تقليل حالات الإصابة الجديدة بسرطان الثدي.
دراسة جديدة وآراء مختلفة
اقترحت دراسة حديثة أن النساء فوق سن الثلاثين، واللواتي يعتقد أن خطر إصابتهن بسرطان الثدي يصل إلى 35%، ينبغي أن يُعرض عليهن إجراء عملية استئصال الثدي، وهو ما يمكن أن يمنع حوالي 6500 حالة من المرض كل عام، لكن هذه الدراسة تعرضت للانتقاد من قبل خبراء آخرين، إذ يرون أن الجراحة قد تؤدي إلى مضاعفات كثيرة مثل الألم المزمن والعدوى، بالإضافة إلى أنها تترك ندوبًا وتؤثر على حياة المرأة النفسية والجمالية، مع ذلك، يرفض العديد من الأطباء إحجام النساء عن العملية ويؤكدون على حقهن في معرفة مخاطرهن واتخاذ القرارات المناسبة.
عملية استئصال الثدي وتفاصيلها
تُجرى عملية استئصال الثدي عادةً تحت التخدير العام، وتستغرق حوالي ساعتين، حيث يُقطع نسيج الثدي الذي يحتمل أن تتشكل فيه الأورام، وفي بعض الحالات، يحتفظ الأطباء بالجلد والحلمة، مع إمكانية إعادة بناء الثدي باستخدام غرسات وتقنيات تجميلية، ويُقدم هذا العلاج مجانًا من خلال نظام الرعاية الصحية الوطني، ويُختص النساء المعرضات لخطورة عالية، خاصةً من يحملن الطفرات الجينية مثل BRCA1 وBRCA2 وPALB2، إذ تزداد فرص إصابتهن بسرطان الثدي بشكل ملحوظ، ويخضعن لمتابعات دورية وفحوصات سنوية للتحقق من العلامات المبكرة وبتناول الأدوية الوقائية.
مخاطر واعتبارات شخصية
رغم أن استئصال الثدي يحقق نسبة حماية تصل إلى 95% من الإصابة، إلا أن القرار يظل شخصيًا ومعقدًا، وغالبًا ما يرفضه نصف النساء المعرضات للخطر، نظراً لما يترتب عليه من فقدان للثدي وتأثير نفسي على الشعور بالأنوثة والثقة بالنفس، كما يفقدن القدرة على الرضاعة وهو أمر مهم بالنسبة للشابات اللواتي يخططن للأمومة، والأمر المهم أن العديد من النساء قد يظللن بدون إصابة بسرطان الثدي حتى بعد الخضوع للجراحة، ولذلك فإن التوعية والتفكير العميق ضروريان قبل اتخاذ القرار النهائي.
الجينات والخطورة الوراثية
تشير الأبحاث إلى وجود جينات إضافية تؤدي إلى زيادة خطر الإصابة، منها جين CHEK2 الذي يصيب امرأة واحدة من كل 200 وأيضًا جين ATM الذي يظهر عند امرأة واحدة من كل 100، وهناك جينات أقل شيوعًا مثل RAD51C وRAD51D التي يقدر وجودها لدى حوالي 8000 امرأة في المملكة المتحدة. ومع أن هذه الطفرات غالبًا لا تتسبب مباشرة في الإصابة، إلا أنها مع عوامل أخرى مثل السمنة والكحول والقدم في العمر، يمكن أن ترفع المخاطر بشكل أكبر، وهؤلاء النساء غالبًا لا يعرفن أن لديهن هذه الطفرات إلا بعد فحصهن بعد تشخيص إصابة أحد أقاربهن.
توصيات وتقويمات المستقبل
تؤكد الجمعيات المعنية على ضرورة استشارة الأطباء وإجراء الفحوصات الجينية، خصوصًا للنساء الذين لديهم تاريخ عائلي مرضي، إلا أنه لا يُنصح عادةً باستئصال الثدي إلا إذا كانت هناك عوامل خطر واضحة، ويتم حاليًا تقدير أن حوالي 400 ألف امرأة في المملكة المتحدة معرضات للخطر بسبب الطفرات الجينية، مع وجود خيارات للمتابعة الصحية والفحوصات الدورية والأدوية الوقائية التي تقلل الخطر بنسبة تصل إلى 50%. على الرغم من أن استئصال الثدي يقلل بشكل كبير من احتمالية الإصابة، إلا أن اتخاذه قرار يعتمد على الظروف الشخصية والتشخيص الطبي، ويظل خيارًا معقدًا يتطلب تقييم دقيق لكل حالة على حدة.