تبدو كلمة “لا” صغيرة من حيث الحروف، لكنها تحمل أثراً كبيراً على الموظف عندما يخشى أن يُفهَم بشكل خاطئ. كثير من الناس يختارون الاعتذارة سريعاً ويقولون “عذراً، لا أستطيع”، ما يشعرهم بالحزن الداخلي وتقطع القلب بين رغبتهم في الراحة وخوفهم من اتهامهم بالأنانية.
هل كانت مقاومتك للهروب من المواجهة أمراً عميقاً؟
في بيئة العمل، تظهر بعض التحديات بشكل رسائل أو طلبات من الزملاء، وغالباً لا تكون المشاكل كبيرة أو واضحة، بل تأتي بشكل طلب بسيط مثل أن يُرسل زميل رسالة تقول: “هل يمكننا التحدث؟ لدي ملاحظات على المشروع”. يُشعر هذا الطلب بثقل في القلب، وتبدأ تساؤلات عديدة في الظهور، هل أخطأت؟ هل هو انتقاد؟ هل سأضطر لشرح أخطائي؟ وتجد نفسك تقول بسرعة: “عذراً، لا أستطيع الآن. أنا مشغول”.
هل كنت حقاً مشغولاً أم أنك كنت تتجنب المواجهة؟ ربما كانت رغبتك في حماية صورتك الشخصية من عيوب قد تظهر، فكانت الكلمة “لا أستطيع” درعاً ضعيفاً تحمي ذاتك. ولكن، هل فكرتَ في أن حماية صورتك قد تمنعك من التعلم والنمو؟ وهل تى كانت المشكلة عدم وضوح التوجيهات أو صعوبة تنفيذها في العمل؟
هل رفضت مشروعاً أم هربت من تحدٍ حقيقي؟
في العمل، تظهر الفرص بشكل غير متوقع وقد تتطلب منك مواجهة ضغط كبير واضطرارات حقيقية. يعرض عليك المدير فرصة لقيادة مشروع كبير، وتقول لنفسك إنك غير مستعد، فتختصر الأمر وتقول: “لا أستطيع”، بزعم وجود التزامات أخرى. لكن في الحقيقة، كان بإمكانك أن تحاول، وأن تستغل هذه الفرصة لتطوير نفسك، لكنه خوفك من الفشل جعلك تختار الهروب، مع أن حجم العمل ليس هو السبب، بل خوفك من أن تفشل أمام الجميع وفقدان صورتك المهنية.
هل تتهرب من اللقاء أم من المشاعر التي يثيرها؟
قد تعترض على حضور اجتماع مع فريقك أو أنشطة اجتماعية، وتجد نفسك تتردد في المشاركة. عند دعوة لحضور اجتماع تقول بشكل مختصر: “آسف، لا أستطيع اليوم، لدي ظرف طارئ”، رغم أن السبب الحقيقي هو شعور بالبعد وعدم الراحة. ربما كانت هناك تغيرات في العلاقة مع الفريق أو في بيئة العمل، ولم تعد تشعر بالراحة كما سابقاً. فالمشكلة ليست في الاجتماع نفسه، بل في مشاعر الخوف أو التوتر من تفعيل العلاقات أو التفاعل مع الآخرين.
كيف تتعامل مع المواقف الصعبة بشكل فعال؟
عند مواجهة طلب من زميل يحتاج إلى حديث صريح، حاول أن تكون مستعداً نفسياً ومهنياً. بدلاً من الهروب والاستعانة بحجج كاذبة، حدد وقتاً مناسباً للنقاش وكن صادقاً في استماعك. قم بوضع خطة لمحتوى حديثك، وكن واضحاً في ردك، فالصراحة تعكس نضجك وتشجع على بناء علاقات مهنية صحيحة.
كيف تتصرف عند تلقي فرصة لمشروع كبير؟
عندما تعرض عليك مسؤولية مشروع جديد، يجب أن تكون صادقاً مع نفسك حول مدى استعدادك. إذا شعرت بعدم الثقة أو بالخوف، قيّم ما إذا كان السبب هو قلة الثقة أو عدم القدرة على إدارة المهمة. إذا كنت تستطيع المحاولة، ففكر في تقسيم المشروع إلى أجزاء صغيرة وطلب الدعم من الزملاء، واعتبرها فرصة للتطور وليس عبئاً يمنعك من التقدم. فهذه التحديات تساهم في تعزيز مكانتك وتنمية ثقتك بنفسك.
كيف ترد على دعوة اجتماعية أو حضور اجتماع لا تود المشاركة فيه؟
عند تلقي دعوة لمشاركة في اجتماع أو مناسبة، حاول أن تكون صادقاً مع نفسك وعبّر عن أسبابك بطريقة محترمة. بدلاً من اختلاق أعذار غير صادقة، أخبر الحضور بأن لديك انشغالات أخرى أو مشاغل حالياً. وإذا كانت هناك مشكلات بينك وبين الفريق أو تغييرات في العلاقة، فحسّن تواصلك بشكل مهني وذكي، وحدد أوقاتاً مستقبلية للمشاركة إذا كنت تحتاج إلى مزيد من التحضير.
وفي النهاية، يتعين أن تتوقف عن مقارنة نفسك بالآخرين من خلال تبني استراتيجيات بسيطة وصحيحة، تساعدك على بناء ثقتك بنفسك والتعامل مع التحديات بطريقة إيجابية وواضحة.