ما هو الاعتلال الدماغي المزمن الذي يؤثر على الرياضيين ويتسبب في تغيرات انفعالية

مقدمة عن اعتلال الدماغ الرضحي المزمن

يبدأ الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن عادةً بعد تعرض الأشخاص لعدة إصابات في الرأس بشكل متكرر، وغالبًا ما يكون ذلك لدى الرياضيين، لكنه يمكن أن يصيب أي شخص تعرض لصدمات متكررة على الرأس. تم التعرف على هذا المرض لأول مرة مع لاعبي الملاكمة في عشرينيات القرن الماضي، وكان يُعرف حينها باسم “متلازمة فرط اللكم”. مع مرور الوقت، أظهرت الأبحاث أن حالات مماثلة تظهر أيضًا عند ضحايا حوادث أخرى تتسبب في إصابات دماغية متكررة.

ما هو اعتلال الدماغ الرضحي المزمن؟

الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن هو نوع نادر من تلف الدماغ ينتج عن تكرار الصدمات على الرأس، وتؤدي إلى تغيرات في عمل الدماغ مع مرور الوقت. يمكن أن يؤدي ذلك إلى ضعف الذاكرة، مشاكل في التركيز، اضطرابات في المزاج كالقلق والاكتئاب، وسلوك غير منظم، وضعف الحكم، وتدهور في التنسيق الحركي. وهو اضطراب تدريجي، ويُسبب في النهاية الخرف وتغيرات أخرى في وظائف الدماغ.

صلة إصابات الرأس المتكررة بالمرض

لا توجد أدلة على أن الإصابات العرضية تسبب الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن، لكنه مرتبط بشكل قوي بتكرار الصدمات والصدمات الخفيفة غير المرتجعة، حتى إذا لم تتسبب في ارتجاج. ويعد اللاعبون الرياضيون مثل محترفي كرة القدم، الملاكمة، والهوكي من أكثر الفئات عرضةً لهذا المرض، خاصة اللاعبين الذين يعانون من إصابات متعددة على مدى سنوات. ومن أبرز الحالات، لاعب فريق بيتسبرغ ستيلرز، مايك ويبستر، الذي توفي عام 2002 وهو يعاني من أعراض تشير إلى تلف دماغي مزمن.

عوامل وأسباب الإصابة

تتسبب ضربات الرأس المتكررة في تلف خلايا الدماغ والأوعية الدموية، مما يؤدي إلى نزيف داخلي وظهور تراكمات بروتينية تُسمى التشابكات، وتؤدي إلى موت خلايا الدماغ. وتُقدر الدراسات أن حوالي 17% من الأشخاص الذين يعانون من ارتجاجات دماغية متكررة يصابون بمرض الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن. وعلى الرغم من أن سبب الإصابة غير واضح تمامًا، إلا أن الأبحاث تشير إلى دور العوامل الوراثية والبيئية ونمط الحياة في تحديد من يصابون بهذا المرض.

الأعراض والتأثيرات طويلة المدى

تؤثر اضطرابات الدماغ الناتجة عن الاعتلال على الذاكرة، والقدرة على الانتباه والتركيز، وتسبب مشاكل في المزاج كالقلق، والعدوانية، والاكتئاب. كما تظهر سلوكيات متهورة وضعفًا في الحكم وضعفًا في التناسق العضلي، وتزداد حدة الأعراض مع مرور الوقت، حتى إن الشخص قد يعاني من تدهور مستمر رغم عدم تعرضه لمزيد من الإصابات. وتؤدي الحالة أيضًا إلى تغييرات في سلوك وتفكير المصاب، وغالبًا ما تصعب أنشطتهم الاجتماعية والعائلية والعملية. كما يُلاحظ أن بعض الحالات قد تتطور إلى مرض الخرف أو تصل إلى حالات مرضية أخرى مثل مرض باركنسون ومرض التصلب الجانبي الضموري.

طرق التشخيص والعلاج

حتى الآن، يُشخص اعتلال الدماغ الرضحي المزمن بشكل مؤكد فقط بعد الوفاة عبر تشريح الجثة، ويمكن أن يكون التشخيص أثناء الحياة صعبًا لأنه يتشابه مع أمراض أخرى كمرض الزهايمر، وقد يحدث خلط بين أعراضه وشيخوخة طبيعية. تستخدم دراسات التصوير المتقدمة، مثل الرنين المغناطيسي والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني، لمراقبة نمط البروتينات في الدماغ، مما قد يسهل تشخيص الحالة مستقبلاً. في الوقت الحالي، يعتمد التشخيص على التاريخ الطبي والأعراض والفحوصات العصبية وصور الدماغ بعد استبعاد الأمراض الأخرى. ولا توجد طرق حاليًا لعكس تلف الدماغ الناتج عن المرض، لكن يمكن علاج بعض الأعراض باستخدام الأدوية، خاصة لتخفيف مشاكل الذاكرة، والتفكير، والتغيرات السلوكية والمزاجية.

الوقاية من المرض

للحد من خطر الإصابة باعتلال الدماغ الرضحي المزمن بين الرياضيين، يركز الباحثون على تقليل ضربات الرأس أثناء التدريب والمباريات، ويعملون على تطوير أدوات حماية مثل الخوذات، لخفض تأثير الضربات على الرأس. كما تم فرض قوانين صارمة لزيادة العقوبات على الضربات التي تتسبب في إصابات الرأس. أظهرت الخوذات المتخصصة فعاليتها إذ ساهمت في تقليل حالات الارتجاج بنسبة تصل إلى 25% خلال المواسم الأخيرة في بعض الدوريات الرياضية، مما يساعد على حماية اللاعبين وتقليل المخاطر المرتبطة بتكرار الإصابات الدماغية.

تابعوا آخر أفكارنا الجديدة

اقرأ أيضاً
اترك تعليق

يعني التعليق على هذا المقال أنك توافق على شروط الخدمة.

اترك تعليق

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

اختيارات المحرر