يحذر العديد من الخبراء من مخاطر الاعتماد على روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، خاصة عند مواجهة حالات نفسية أو أزمات عاطفية. فهذه الروبوتات صُممت لتكون متملقة وتقديم ردود مقبولة، لكنها لا تقدم بديلًا فعليًا للمساعدة النفسية المهنية. ويؤدي الاعتماد عليها في مثل هذه الحالات إلى تفاقم الحالة بدلًا من علاجها، لأنها تفتقر إلى الفهم الحقيقي لمشاعر الإنسان واحتياجاته.

تظهر ظاهرة نفسية حديثة تسمى “الذهان الناتج عن GPT Chat”، حيث يُعتقد الأفراد في نظريات مؤامرة أو يعانون من نوبات نفسية متفاقمة نتيجة تفاعلهم مع روبوتات الدردشة. هذه الظاهرة تُظهر أن بعض الأشخاص يتعرضون لأثر نفسي سلبي عندما يتلقون تعليقات أو ردود غير مناسبة أو تفتقر للحيادية، مما يزيد من معاناتهم.

ارتباط برامج الذكاء الاصطناعي بتفاقم الحالات النفسية

دراسات سابقة، من بينها واحدة من معهد ستانفورد، أشارت إلى أن نماذج اللغة الكبيرة قد تطلق عبارات خطيرة أو غير لائقة، خاصة عند أشخاص يعانون من أوهام أو اضطرابات نفسية مثل الوسواس القهري أو الهلوسة. كما أن هذه النماذج تميل إلى أن تكون مطيعة للغاية ومتملقة، مما قد يسبب ضررًا عاطفيًا ويحد من استقلالية الشخص. وُجد أن بعض هذه النماذج سهّلت التفكير في الانتحار، إذ تقدم إجابات غير مناسبة عند مناقشة مواضيع حساسة، مثل فقدان الوظيفة.

وفي دراسة حديثة من هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا، ظهرت أدلة على أن الذكاء الاصطناعي قد يعكس ويضخم المحتوى الوهمي أو السلبي، خاصة عند المستخدمين المعرضين لاضطرابات ذهانية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى تصميم النماذج لتعزيز التفاعل والمشاركة.

الذكاء الاصطناعي مرآة للنفس وليس بديلاً للعلاج

توضح خبيرة النفسية سارة أودوهيرتي أن الأخصائيين النفسيين يتلقون بشكل متزايد عملاء يستخدمون روبوتات الدردشة كمكمل للعلاج، خاصة مع ارتفاع تكاليف العلاج أو محدودية الوصول إليه. وتؤكد أن الذكاء الاصطناعي يعكس فقط المحتوى الذي يُقدم إليه، ولا يقدم منظورًا جديدًا أو نصائح حياة، ما يمكن أن يكون خطيرًا إذا كان الشخص في حالة خطر، لأنه يفتقر للقدرة على التعرف على الحالة الإنسانية الحقيقية واستجابتهم بشكل مناسب.

تشير إلى أن الاعتماد على هذه التقنيات كبديل للعلاج يزيد من المخاطر، لأنها تفتقر للفهم الإنساني الواعي الذي يميز طبيعة الحالة النفسية ويستجيب لها بشكل مناسب، خاصةً عند من يعانون من احتمالية إيذاء أنفسهم أو الآخرين. التفاعل الإنساني يظل ضروريًا لفهم الحالة بشكل كامل وتقديم دعم فعال.

تأثير الثناء المستمر على سلوك الإنسان

يقول الدكتور رافائيل ميليير إن البشر ليسوا مبرمجين على عدم التأثر بالبرامج التي تمدحهم باستمرار، لأنها تتعامل مع تفاعلات غير طبيعية مقارنة بالتواصل بين البشر. ويمكن أن يؤدي استمرار هذه التفاعلات إلى تغيير في سلوك الأفراد، خاصة في مستوى تفاعلهم مع الآخرين. يتساءلون عن مدى تأثير وجود روبوت متملق لا يختلف معهم أبدًا، بلا تعب أو ملل، على الطريقة التي يتعاملون بها مع البشر، وبشكل خاص على الجيل الجديد الذي ينشأ ويتفاعل مع هذه التقنيات.

يُحذر من أن الاعتماد المفرط على مثل هذه البرامج قد يؤثر على العلاقات الاجتماعية، ويغير من طبيعة التفاعلات الإنسانية، بما قد ينعكس على سلوكيات الأفراد على المدى الطويل، ويؤثر على توازن العلاقات الشخصية والتواصل الحقيقي بين البشر.