توضح الدراسات أن بصيلات الشعر من أهم وأكثر الهياكل التي تتميز بنشاط أيضي في الجسم، حيث تعتمد بشكل كبير على تزويدها المستمر بالعناصر الغذائية والهرمونات والأوكسجين. عند تعرض الجسم لضغوط فسيولوجية، تكون بصيلات الشعر من أول الأعضاء التي تتأثر، مما يجعل تساقط الشعر علامة واضحة على وجود مشاكل صحية محتملة، مثل نقص الحديد، اضطرابات الغدة الدرقية، أمراض المناعة الذاتية، ومشاكل القلب والأوعية الدموية.
المشاكل الصحية المرتبطة بتساقط الشعر
نقص الحديد يعد أحد الأسباب الشائعة والمزمنة لتساقط الشعر، خاصة لدى النساء، حتى في غياب علامات فقر الدم الواضحة. فخفض مستويات الفيريتين، وهو البروتين المختزن للحديد، يعيق نمو الشعر ويوقف تجدد بصيلاته، ويظهر ذلك بشكل أكبر أثناء فترات الدورة الشهرية أو مع قيام النساء بنظم غذائية صارمة.
أما خلل الغدة الدرقية فهو من العوامل التي تؤدي إلى ترقق الشعر، حيث تتحكم هرمونات هذه الغدة في نمو خلايا الجسم واستقلابها. ومع وجود اضطرابات في وظيفة الغدة الدرقية، سواء كانت فرط النشاط أو قصوره، تزداد احتمالية تساقط الشعر، حيث تتأثر دورة النمو الطبيعية للبصيلات. وتشير الإحصائيات إلى أن نصف المصابين بفرط نشاط الغدة الدرقية ونحو ثلث مرضى قصورها يعانون من تساقط الشعر.
يتصل أمراض المناعة الذاتية بحدوث تساقط الشعر بشكل مباشر، حيث يهاجم جهاز المناعة بصيلات الشعر، فتظهر بقع خالية من الشعر تُعرف بالثعلبة البقعية. ويُربط هذا الأمر بحالات أخرى مثل البهاق أو الذئبة أو التهاب الغدة الدرقية هاشيموتو، التي تؤثر على نظام المناعة وتؤدي إلى تلف بصيلات الشعر.
تُعَتبَر مشاكل القلب والأوعية الدموية من العوامل التي تدخل في سياق تساقط الشعر، حيث أن الإصابة بالثعلبة الأندروجينية المبكرة عند الرجال، قد ترتبط بزيادة خطر الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي وأمراض القلب، وذلك وفقًا لدارسات حديثة، والتي ربطت تلك الحالة بعوامل مثل ارتفاع ضغط الدم، السمنة، وتراكم الدهون في الدم.
التشخيص وأهمية التوقيت
يشير الخبراء إلى أن تحديد السبب الدقيق لتساقط الشعر يعتمد بشكل رئيسي على توقيت حدوثه، حيث يتأثر الشعر بنتائج الأحداث الصحية التي حدثت قبل أسابيع أو أشهر. لذا، فإن التاريخ الطبي المفصل يلعب دورًا رئيسيًا في عملية التشخيص، حيث يساعد على الربط بين الأسباب المحتملة، كمرض، فقدان وزن، تناول أدوية، أو تعرض نفسي مرهق. ويرى المختصون أن الفحوصات الطبية تشمل استجواب المريض عن أنماط النوم، التوتر، التغذية، صحة الأمعاء، الدورة الشهرية، ووظائف الغدة الدرقية، بالإضافة إلى تحاليل الدم التي تقيس مستويات الحديد، فيتامين د، الهرمونات، وغيرها من المؤشرات الحيوية الضرورية لتحديد السبب بدقة.