تُظهر دراسة حديثة أن التعرض للمواد الكيميائية الدائمة، التي تعرف أيضًا باسم PFAS أو المواد البيرفلورو ألكيل والبولي فلورو ألكيل، يرتبط بارتفاع خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. هذه المواد، التي لا تتحلل وتبقى مستمرة في البيئة والجسم، تم ربطها سابقًا بأمراض تشمل موت خلايا الدماغ، السرطان، السمنة، العقم، اضطرابات الغدة الدرقية، وغيرها. أضافت الدراسة الجديدة إلى هذه القائمة الزيادة في احتمالية الإصابة بالسكري من النوع الثاني بسبب ارتفاع مستويات PFAS في الدم.
ما الذي تكشفه الدراسة؟
وجدت الدراسة، التي نشرت على موقع مخصص للوقاية الصحية، أن الأشخاص الذين يحملون مستويات أعلى من PFAS في دمائهم يكونون أكثر عرضة بنسبة تصل إلى 31٪ للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. ويُعزى ذلك غالبًا إلى اضطرابات في عمليات التمثيل الغذائي ومسارات الأحماض الأمينية، التي تستخدمها الخلايا لإنتاج الأحماض الأمينية. عندما تعرقل PFAS هذه المسارات، يفقد الجسم القدرة على إدارة مستوى السكر في الدم بشكل طبيعي. كما تتداخل هذه المواد مع توازن الأحماض الأمينية وتخزين الدهون، الأمر الذي يمكن أن يزيد مع الوقت من مقاومة الأنسولين، مما يهيئ الظروف للإصابة بالمرض حتى من دون وجود عوامل خطر تقليدية.
كيفية تأثير المواد الكيميائية الدائمة على خطر السكري
قد تتداخل مركبات PFAS مع عملية التمثيل الغذائي عن طريق تعطيل المسارات التي تتحكم في حساسية الأنسولين وتوازن الأحماض الأمينية، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة مقاومة الأنسولين ومع الوقت يرفع خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني. يعمل هذا التأثير على تراكم الدهون والتغيرات الطفيفة في وظائف الجسم، مما يفاقم احتمالية الإصابة به، ويؤكد الباحثون أن السكري من النوع الثاني ليس مرضًا وراثيًا فحسب، بل هو ناتج عن أنماط حياة وعوامل بيئية، حيث يمكن أن يسهم التعرض للملوثات البيئية في زيادة انتشاره.
كيفية الحد من التعرض للمواد الكيميائية الدائمة
للحد من تراكم PFAS في الجسم، يُنصح باستخدام مرشحات مياه تعمل على تصفية هذه المواد، واستبدال أواني الطهي غير اللاصقة بأوانٍ مصنوعة من الحديد الزهر أو الفولاذ المقاوم للصدأ، واختيار منتجات التجميل والتنظيف والملابس التي تكون خالية من PFAS. كما يُفضّل تقليل استهلاك الأطعمة الجاهزة في عبوات مقاومة للدهون، والابتعاد عن التدخين السلبي، فكل هذه الإجراءات تساعد على تقليل التعرض المباشر لهذه المواد الكيميائية الضارة.
طرق أخرى للوقاية من مرض السكري
تؤكد الدراسات أن الحفاظ على وزن صحي وممارسة الرياضة المنتظمة لمدة 150 دقيقة أسبوعيًا يقلل من مقاومة الأنسولين ويخفض احتمالية الإصابة، حيث يساعد التمرين على استخدام الأنسولين بكفاءة أكبر. وإذا كان الشخص في مرحلة ما قبل السكري، يمكن إضافة أدوية بعد استشارة الطبيب، بالإضافة إلى استهلاك نظام غذائي غني بالألياف، خاصة ألياف بيتا جلوكان الموجودة في الشوفان، والتي أظهرت الدراسات قدرتها على تقليل مستويات PFAS في الدم. فسياسات صحية تركز على تقليل التعرض للملوثات البيئية، مع العمل على تعديل نمط الحياة، تساهم بشكل كبير في الحد من انتشار هذا المرض.