أصبحت ألعاب الفيديو نشاطًا يوميًا رئيسيًا لدى ملايين الأطفال والمراهقين حول العالم، وليست مجرد هواية جانبية كما كانت قبل عقدين، ورغم المتعة والإثارة التي تمنحها، تنبه الدراسات الحديثة إلى تأثيراتها السلبية على الصحة النفسية والجسدية عندما تتحول إلى عادة مفرطة.
الأبحاث والتحذيرات
أجرى فريق بحثي في آسيا دراسة شملت آلاف المراهقين ووجد أن نسبة كبيرة تقضي أكثر من خمس ساعات متواصلة في اللعب، وهو ما يرتبط بارتفاع معدلات القلق والاكتئاب واضطراب النوم. وتمتد هذه الأعراض أيضًا إلى ضعف الثقة في الأداء الدراسي، والانطواء الاجتماعي، والشعور بالوحدة، كما أكدت تقارير طبية متخصصة.
من هم أكثر عرضة للخطر؟
أظهرت النتائج أن الذكور أكثر عرضة للإفراط في اللعب مقارنة بالإناث، ويرجع الباحثون ذلك إلى طبيعة الألعاب التي يفضلها بعض الأولاد والتي تعتمد غالبًا على المنافسة والتحدي المستمر. كما أن المراهقين الذين لديهم تاريخ مع اضطرابات مثل فرط الحركة أو طيف التوحد يكونون أكثر حساسية للتأثيرات السلبية.
اضطراب الإدمان كحالة صحية
صنفت منظمة الصحة العالمية في عام 2018 اضطراب إدمان الألعاب كحالة صحية تتطلب تدخلًا، بعد ملاحظة أن بعض اللاعبين يفقدون السيطرة على عاداتهم مما يؤثر على النوم والعلاقات الاجتماعية والقدرة على الالتزام بالمسؤوليات اليومية.
الفوائد عند الاعتدال
تشير أبحاث أخرى إلى أن اللعب المعتدل يمكن أن يحفز الدماغ ويحسن سرعة رد الفعل وتنمية مهارات حل المشكلات والذاكرة والانتباه. ولكن المشكلة الحقيقية تبدأ عندما يتجاوز اللعب الحد المعقول ويستمر لساعات يومية متواصلة، مما يحول الفوائد المحتملة إلى أضرار تراكمية.
كيفية الوصول إلى التوازن
ينصح خبراء الصحة النفسية بجدولة وقت اللعب بحيث لا يتجاوز ساعة أو ساعتين يوميًا، مع تخصيص وقت كافٍ للأنشطة البدنية والقراءة والتفاعل الاجتماعي المباشر. كما أن متابعة الأهل لعادات اللعب لدى أبنائهم والتأكد من عدم تأثيرها على النوم أو الدراسة أمر أساسي للوقاية من الإدمان.
ألعاب الفيديو ليست عدوًا، لكنها مثل أي نشاط آخر تحتاج إلى اعتدال، فالإثارة والتشويق يمكن أن تتحول إلى عبء إذا سيطرت على اليوم بالكامل، والإدارة الجيدة للوقت تضمن المتعة وتجنب المخاطر.