يتشارك البشر والشمبانزي 99% من التركيب الجيني، لكن الاختلاف في النسبة المتبقية 1% شكّل قفزة تطورية كبيرة أثّرت بشكل واضح على الدماغ البشري.
أجرى باحثون في كلية الطب بجامعة كاليفورنيا دراسات نشرت في مجلة Science Advances ركّزت على مناطق تُسمى HAR أو “مناطق التسارع البشري”، وهي أجزاء من الجينوم تحتوي على تركيز عالٍ من الطفرات مقارنة بأسلافنا، وطرأت فيها أكثر التغيرات جوهريًا بعد انفصال البشر عن الشمبانزي منذ نحو 5 ملايين سنة، كما ترتبط هذه المناطق باضطرابات النمو العصبي مثل التوحد.
حدّدت الدراسة منطقة واحدة بارزة اسمها HAR123، وهي ليست جينًا بل منظمًا جزيئيًا يتحكّم في الجينات التي تُفعّل ومدى قوة وتوقيت هذا التفعيل أثناء نمو الكائن.
يُعزّز HAR123 تطوّر الخلايا السَلَفية العصبية التي تتكوّن منها الخلايا العصبية (العصبونات) والخلايا الدبقية، ويؤثر في نسبة العصبونات إلى الخلايا الدبقية الناتجة، كما يسهِم في مرونة الإدراك أي القدرة على نسيان معرف قديم واستبداله بآخر.
اختبر الباحثون أثر HAR123 في تجارب على الفئران بحذف المنظّم أو استبداله بنسخة بشرية، ما أدّى إلى اضطراب نسبة العصبونات/الخلايا الدبقية في الحُصَين لدى الفئران المعدّلة وضعف كبير في قدرات التعلم.
قارن الفريق أيضًا النسخة البشرية من HAR123 بنظيرتها الشمبانزية في خلايا جذعية بشرية وخلايا سَلَفية عصبية بالمختبر، فتبين أن المتغير البشري يسبب تأثيرات جزيئية وخلوية مختلفة عن متغير الشمبانزي رغم اختلافهما بتسعة نيوكليوتيدات فقط.
ستساعد الأبحاث المستقبلية على توضيح دور HAR123 في اكتساب الإنسان لخصائصه العصبية الفريدة، وقد يفتح هذا المجال الطريق لتطوير علاجات لاضطرابات النمو العصبي.