تخيل أنك لا تستطيع إسقاط دمعة واحدة رغم شعورك بالحزن؛ هذه الحالة ليست غريبة كما يظن البعض، بل قد تكون علامة على حالة نفسية مخفية، إذ يعيش بعض الناس فترات طويلة يشعرون فيها بالتبلد أو البرود بينما المشاعر مكبوتة والبكاء متوقف نتيجة اضطراب داخلي.
هل فقدان القدرة على البكاء يدل على مشكلة؟
ليس دائماً، لكن التوقف المفاجئ أو المزمن عن البكاء قد يدل في كثير من الحالات على اضطراب نفسي أو عاطفي، لأن البكاء وسيلة طبيعية لتفريغ المشاعر، وعندما تُعطّل هذه الاستجابة فذلك قد يعني اختلالاً في التوازن النفسي. وأشارت تقارير مهنية إلى وجود ارتباط بين عدم القدرة على البكاء وبعض أنواع الاكتئاب والقلق، خاصة الاكتئاب المزمن.
الاكتئاب الصامت كيف يظهر دون بكاء
لا يعني الاكتئاب بالضرورة البكاء المستمر أو الحزن الظاهر، فبعض المصابين لا يبكون أبدًا ويشعرون بالخدر أو اللامبالاة؛ يُطلق على هذا النوع أحيانًا اسم “الاكتئاب الصامت” لأنه لا يُعبر عن نفسه بالشكل المتوقع، بل يظهر في فقدان الرغبة بالتفاعل وتراجع الاهتمام بالحياة وصعوبة التعبير عن الألم العاطفي.
أسباب أخرى لغياب الدموع
في بعض الحالات يكون السبب عضوياً مثل مشاكل الغدد الدمعية أو تأثير بعض الأدوية، وفي حالات أخرى يعود السبب إلى تنشئة صارمة أو تجارب صادمة سابقة أدت إلى تطوير آليات دفاعية تمنع البكاء حتى في أحلك الظروف، وكل هذه العوامل قد تسهم في انقطاع هذه الاستجابة الطبيعية.
كيف يمكن التعامل مع الحالة
الخطوة الأولى هي الاعتراف بالمشكلة وعدم إنكارها أو تجاهلها، ثم استشارة مختص نفسي لإجراء تقييم وتحديد ما إذا كانت هناك اضطرابات أعمق تحتاج علاجاً. تساعد ممارسات مثل الكتابة أو التأمل في إعادة التواصل مع المشاعر المدفونة، ويمكن لتمارين التنفس العميق أن تقلل التوتر وتعيد تدريجياً بعض الاستجابات العاطفية.
عدم القدرة على البكاء ليست دليلاً على القوة في كثير من الأحيان، بل قد تكون صرخة مكتومة تحتاج من يسمعها؛ مراقبة هذه التغيرات النفسية وتفسيرها بشكل سليم قد يكشف عن مشكلات أكبر تستدعي العلاج، ومن الأفضل عدم الحكم القاسي على الذات لأن البكاء في كثير من الأحيان هو أول طريق نحو التعافي.
