قتل وتشويه وتزوير: ماذا يكشف الطب النفسي عن غيرة النساء القاتلة

تُعدّ الغيرة واحدة من أقدم المشاعر الإنسانية، فهي تعبير عن الخوف من فقدان مكانة أو شخص أمام آخرين، ولكن حين ترتبط بالنساء قد تكتسب أبعادًا أكثر تعقيدًا بسبب التشابك بين العواطف والعلاقات الاجتماعية.

ثلاث حوادث نابعة من الغيرة

شهدت الساحة مؤخرًا ثلاث حوادث صادمة نتيجة غيرة مرضية؛ الأولى في محافظة القليوبية حيث فوجئت طالبة متفوقة بعد إعلان نتيجة الثانوية العامة بتغيير رغباتها الجامعية من كلية الطب إلى كلية العلوم، واتضح أن زميلة استغلت الرقم السري للطالبة ودخلت موقع التنسيق لتغيير الرغبات بدافع الغيرة من تفوقها ورغبة في إفساد مستقبلها.

الحادثة الثانية وقعت في منطقة مصر القديمة عندما هاجمت سيدة مطلقة تُدعى “سعاد” عروسًا شابة اسمها “منصورة” في الشارع مستخدمة شفرة حادة، مسببة جروحًا غائرة في وجه الضحية تطلّب علاجها أكثر من أربعين غرزة، والدافع كان الغيرة من زواج طليقها.

الحادثة الثالثة كانت في مركز دير مواس بمحافظة المنيا حيث وضعت زوجة ثانية مادة سامة في الخبز المقدم لزوجها وأطفاله الستة من الزوجة الأولى، ولم ينجُ أحد من الأسرة، وتؤكد التحريات أن الغيرة من عودة الزوج لزوجته الأولى كانت السبب الرئيسي، وأمرت جهات التحقيق بحبس المتهمة.

الغيرة طبيعية أم مرضية؟

أوضح الدكتور أمجد العجرودي، استشاري الطب النفسي، أن الغيرة في أصلها شعور طبيعي وقد تكون دافعًا إيجابيًا لتحسين الذات، لكن الخطر يبدأ عندما تتحول إلى اضطراب نفسي يسيطر على التفكير ويؤدي إلى تصرفات مدمرة، والفرق الأساسي بين الغيرة الطبيعية والغيرة المرضية يكمن في قدرة الشخص على التحكم؛ فالأولى تبقى داخلية وتدفع للإبداع، بينما الثانية تتحول إلى هوس يقود إلى رقابة مفرطة أو إيذاء الآخرين.

أعراض الغيرة المرضية

تشمل علامات الغيرة المرضية الانشغال المستمر بمقارنة النفس بالآخرين والتفكير المهووس في نجاحات أو علاقات الغير، ومراقبة الشخص الآخر بشكل مفرط سواء في الواقع أو عبر الإنترنت، وظهور سلوك عدائي أو تهديد مباشر، واضطرابات في النوم مع تفكير متواصل في كيفية إفساد نجاح الآخرين، ونوبات غضب شديدة لا تتناسب مع المواقف؛ ووجود هذه الأعراض بشكل متكرر يشير إلى ضرورة تدخل علاجي.

لماذا تتفاقم الغيرة بين النساء؟

تتفاقم الغيرة بين النساء لأسباب اجتماعية ونفسية؛ فالمقارنة المستمرة في مجتمعات تضع معايير صارمة للجمال والنجاح تجعل أي تفوق مصدر قلق دائم، والمنافسة العاطفية تظهر عندما يتعلق الأمر بخطيب أو زوج أو اهتمام بشخص محدد، والضغط الاجتماعي لإثبات الذات أمام الأسرة والمجتمع يحول نجاحات الآخرين إلى تهديد، وضعف الثقة بالنفس يجعل الإنجازات الخارجية تبدو انعكاسًا لقيمة الذات.

كيف يمكن علاج الغيرة المرضية؟

يتطلب علاج الغيرة المرضية مسارات متكاملة تشمل العلاج النفسي الفردي لمساعدة المريضة على فهم جذور الغيرة، والعلاج السلوكي المعرفي لتصحيح أنماط التفكير الخاطئة المرتبطة بالمقارنة، والتدريب على التحكم بالانفعال باستخدام تقنيات مثل التأمل والتنفس العميق، إضافة إلى الدعم الأسري لأن العزلة تزيد الشعور بالتهديد، وفي بعض الحالات تُستخدم الأدوية إذا ارتبطت الغيرة باضطرابات أخرى كالاكتئاب أو القلق.

دراسات عن الغيرة بين النساء

أظهرت دراسات نفسية واجتماعية تخصيصية للغيرة لدى النساء، فبحث منشور في مجلة متخصصة وجد أن النساء أكثر عرضة للشعور بالغيرة العاطفية مقارنة بالغيرة المادية خاصة عندما يتعلق الأمر بعلاقة عاطفية أو تهديد لمكانتهن مع الشريك، ودراسة أخرى ربطت المنافسة النسائية أحيانًا بتفسير تطوري يعتبر الغيرة وسيلة لحماية العلاقة من التهديدات الخارجية، وهذه النتائج توضح أن الغيرة تتأثر بالثقافة والمجتمع وقد تتحول إلى صراع علني أحيانًا.

تابعوا آخر أفكارنا الجديدة

اقرأ أيضاً
اترك تعليق

يعني التعليق على هذا المقال أنك توافق على شروط الخدمة.

اترك تعليق

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

اختيارات المحرر