منعت الحكومة البريطانية بيع مشروبات الطاقة للأطفال دون 16 عامًا اعتبارًا من يناير، لتجعل من غير القانوني بيع المشروبات التي تحتوي على أكثر من 150 ملغ كافيين لكل لتر في المتاجر والمطاعم والمقاهي وعبر الإنترنت، بعد أن كانت عدة سلاسل سوبرماركت قد طبقت حظرًا طوعياً سابقًا.
لماذا الحظر؟
أظهر دليل طبي وملاحظات خبراء أن مبيعات وتسويق مشروبات الطاقة بشكل غير مسؤول تسببت في أزمة صحية لدى الأطفال تؤثر على تركيزهم ونومهم وصحتهم العقلية.
يُقدَّر أن نحو 100 ألف طفل يستهلكون يوميًا مشروب طاقة عالي الكافيين، وبعض العلامات التجارية تُباع بأسعار زهيدة تجعلها أكثر جاذبية للشباب، لكن الإفراط المتكرر في تناولها قد يؤدي إلى عواقب خطيرة تشمل مشاكل قلبية ومخاطر صحية أخرى وحتى تأثيرات نفسية مثل الاكتئاب.
كيف يؤثر الكافيين في الجسم
يدخل الكافيين مجرى الدم خلال حوالي 10 دقائق بعد الشرب، ويبلغ تأثيره ذروته بعد نحو 45-50 دقيقة مسببًا زيادة في معدل ضربات القلب وضغط الدم مع شعور متزايد باليقظة، ثم قد يرافق ذلك انهيار سكر بعد نحو ساعة يؤدي للشعور بالتعب. يبقى نحو 50% من الكافيين في الدم بعد 5-6 ساعات، ويخرج معظم الكافيين بعد حوالي 12 ساعة بحسب العمر والوزن والكمية المستهلكة. كما يتكوَّن اعتماد على الكافيين فتظهر أعراض انسحاب مثل التهيج والصداع بعد 12-24 ساعة، وقد يستغرق الجسم أسبوعًا إلى 12 يومًا للتكيف مع الجرعة المعتادة.
المخاطر القلبية وحالات الطوارئ
يحذر الأطباء من أن مشروبات الطاقة قد تعطل النظام الكهربائي للقلب وتزيد خطر عدم انتظام ضرباته، خصوصًا لدى الأشخاص ذوي أمراض القلب الوراثية، ومع عوامل نمط الحياة مثل الحرمان من النوم والجفاف والحمية القاسية والتدخين الإلكتروني قد تتجمع عوامل خطورة تؤدي إلى سكتة قلبية مفاجئة لدى بعض المرضى.
فحص باحثون بيانات 144 مريضًا نجوا من سكتة قلبية بعد علاج طارئ ووجدوا أن سبعة منهم تتراوح أعمارهم بين 20 و42 عامًا قد تناولوا مشروبات طاقة قبل الحدث، واحتاج 6 إلى أجهزة إزالة رجفان وآخر إلى إنعاش قلبي رئوي؛ ثلاثة كانوا يستهلكونها بانتظام وأربعة لديهم نوع من أمراض القلب الوراثية. الدراسة لم تثبت سببًا مباشرًا لكنها نصحت بتناول المشروبات باعتدال.
مكونات خطرة وكميات السكر
تحتوي بعض مشروبات الطاقة على ما يصل إلى 160 ملغ من الكافيين، أي ما يقارب ثلاثة أضعاف كمية الكافيين في القهوة سريعة التحضير، والتسمم بالكافيين يحدث نادرًا عند تجاوز 1200 ملغ. كما تحتوي بعض العلب على كميات كبيرة من السكر تُعادل حتى 21 ملعقة صغيرة؛ فمثلاً علبة 250 مل قد تحتوي على 27.5 غرامًا من السكريات، بينما توصي هيئة الخدمات الصحية البريطانية بأن لا يتجاوز البالغون 30 غرامًا من السكريات الحرة يوميًا، ما يعني أن علبة واحدة قد تمثل نسبة كبيرة من الحد اليومي.
دراسات وتأثيرات على الأطفال
راجع باحثون بريطانيون 57 دراسة شملت أكثر من 1.2 مليون طفل ووجدوا روابط واضحة بين استهلاك مشروبات الطاقة وزيادة الصداع والتهيّج والتعب وآلام المعدة، بالإضافة إلى انخفاض مدة وجودة النوم وزيادة خطر التوتر والقلق والاكتئاب.
تشير بيانات وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية إلى أن ما يصل إلى واحد من كل ثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين 13 و16 عامًا، ونحو ربع الأطفال بين 11 و12 عامًا، يستهلكون أسبوعيًا مشروب طاقة واحدًا أو أكثر عالي الكافيين.
آراء الخبراء والتوصيات
أشاد خبراء بالحظر، وحذر البروفيسور ستيف تيرنر، رئيس الكلية الملكية لطب الأطفال وصحة الطفل، من أن الشباب يحصلون على طاقتهم من النوم والنظام الغذائي المتوازن والنشاط البدني والتواصل الاجتماعي، وأن لا دليل على أن الكافيين يقدم أي فائدة غذائية أو في النمو، في حين تشير الأبحاث إلى مخاطر على السلوك والصحة العقلية.
قالت الدكتورة كوثر هاشم، رئيسة قسم الأبحاث والتأثير بجامعة كوين ماري في لندن، إن السكريات الحرة في هذه المنتجات تزيد خطر السمنة ومرض السكري من النوع الثاني وتسوس الأسنان، وإن المحتوى العالي من الكافيين يضر بالصحة العقلية والرفاهية لدى الشباب، ودعت إلى ضمان تطبيق الحظر على آلات البيع والمتاجر الصغيرة لإغلاق الثغرات وجعل السياسة فعالة.