تزايدت عمليات الولادة القيصرية بشكل ملحوظ في عدة دول، ومنها مصر، فهي رغم أنها أنقذت حياة ملايين الأمهات والأجنة أصبحت نسبتُها مرتفعة جدًّا؛ مسح صحة الأسرة عام 2021 أظهر أن نحو 72% من الولادات تمت عبر القيصرية، بينما توصي منظمة الصحة العالمية بنسبة تقارب 15% فقط، وهذا يثير سؤالًا حول مدى حاجة كل هذه العمليات طبيًا أم أنها تحولت إلى خيار مبسَّط يلجأ إليه البعض هربًا من ألم الولادة الطبيعية أو من أجل السهولة والسرعة.

أسباب ارتفاع معدلات القيصرية

تلعب عدة عوامل دورًا في هذا الارتفاع، من أهمها الخوف من آلام الولادة الطبيعية حيث ترى بعض النساء أنها تجربة قاسية فتفضل الجراحة رغم مخاطرها، كما يؤثر عامل الوقت والجهد لأن الولادة الطبيعية قد تستغرق ساعات غير متوقعة بينما القيصرية مدة محددة، ويزيد ضعف التوعية الصحية من اتخاذ القرار بناءً على مخاوف لا حقائق، إضافة إلى التأثير الاجتماعي وتجارب المحيطين بالحامل التي تحدد قرارها أحيانًا.

الفحوصات قبل اتخاذ القرار

لا يعتمد الأطباء على الرأي الشخصي فقط بل على فحوصات دقيقة لتحديد الحاجة للقيصرية، مثل السونار لتحديد وضع الجنين ومكان المشيمة وكمية السائل الأمنيوسي، وفحص الدوبلر لقياس تدفق الدم بين المشيمة والجنين، والتقييم السريري لحوض الأم لمعرفة مدى ملاءمته لمرور الجنين، ومراقبة نبض الجنين، واختبارات تجمع بين مؤشرات السونار وحركة وتنفس الجنين، وفحوصات دم للأم لكشف ضغط الدم، ومستويات السكر، ووظائف الكبد والكلى، وهذه الفحوصات توضح ما إذا كانت الولادة الطبيعية ممكنة وآمنة أم أن القيصرية ضرورة.

مضاعفات القيصرية للأم والجنين

قد يواجه الطفل عند الولادة بعملية قيصرية مشاكل تنفسية خصوصًا إذا أُجريت قبل الأسبوع 39، كما قد تكون هناك صعوبات في الرضاعة وضعف مناعي نتيجة الحرمان من المرور عبر قناة الولادة، وربطت بعض الدراسات بين القيصرية وزيادة معدلات الحساسية والربو. أما بالنسبة للأم ففترة التعافي أطول مقارنة بالولادة الطبيعية وقد تحدث نزيف أو التهابات أو مضاعفات مرتبطة بالتخدير، كما قد تظهر تأثيرات نفسية مثل اكتئاب ما بعد الولادة، وهناك مخاطر مستقبلية مرتبطة بالحمل اللاحق مثل التصاقات المشيمة أو تمزق الرحم.

الولادة الطبيعية كخيار أول

ينبغي أن تكون الولادة الطبيعية الخيار الأول لأنها تعزز الشفاء السريع وتدعم الرضاعة الطبيعية وتقلل من مشاكل التنفس والمناعة لدى الطفل، بينما تظل القيصرية عملية جراحية كبرى لا يُنصح بها إلا في حالات الخطر الحقيقي على حياة الأم أو الجنين، والفحوصات الدقيقة قبل الولادة تساعد الأطباء على اتخاذ القرار الأنسب.